على الناس بزيادة نصف أو نصفين في كل رطل وذهب إلى بولاق ومصر القديمة فاستخرج منهما سمنا كثيرا ومعظم ذلك في مخازن العسكر فإن العسكر كانوا يرصدون الفلاحين وغيرهم فيأخذونه منهم بالسعر المفروض هو مائتان وأربعون في العشرة منه ثم يبيعونه على المحتاجين إليه بما احبوا من الزيادة الفاحشة فلم يراع جانبهم واستخرج مخباتهم قهرا عنهم ومن خألف عليه منهم ضربه وأخذ سلاحه ونكل به وذهب في بعض الأوقات إلى بولاق فاخرج من حاصل ببعض الوكائل ثلثمائة وخمسين ماعونا لكبير من العسكر فحضر إليه بطائفته فلم يلتفت إليه ووبخه وقال له: أنتم عساكر لكم الرواتب والعلائف واللحوم والاسمان وخلافها ثم تحتكرون أيضا اقوات الناس وتبيعونها عليهم بالثمن الزائد واعطاه الثمن المفروض وحمل المواعين على الجمال إلى الامكنة التي اعدها لها عند باب الفتوح وعندما رأى أرباب الحوانيت الجد وعدم الاهمال والتشديد عليهم فتح المعلق منهم حانوته واظهروا مخباتهم إمامهم وملؤا السدريات والطسوت من السمن وأنواع الجبن خوفا من بطش المحتسب وعدم رحمته بهم ويقف بنفسه على باعة البطيخ والقاوون.
وفي منتصف شهر رمضان وصلوا برمة إبراهيم بك الكبير من دنقلة وذلك أنه لما وصل خبر موته أستاذنت زوجته أم ولده الباشا في ارسالها امرأة تدعى نفيسة لإحضار رمته فأذن بذلك واعطى المتسفرة فيما بلغنا عشرة أكياس وكتب لها مكاتبات لكشاف الوجه القبلي بالمساعدة وسافرت وحضرت به في تابوت وقد جف جلده على عظمه لنحافته وذلك بعد موته بنحو ستة شهور وعملوا له مشهدا وإمامه كفارة ودفنوه بالقرافة الصغرى عند ابنه مرزوق بك.
وفي ليلة الخميس سابع عشره طلب المحتسب حجاجا الخضري الشهير بنواحي الرميلة فأخذه إلى الجمالية شنقه على السبيل المجاور لحارة المبيضة وذلك في سادس ساعة من الليل وقت السحور وتركوه معلقا لمثلها من الليلة القابلة ثم اذن برفعه فأخذه أهله ودفنوه وحجاج هو