وعشرون وهم يبيعونه بزيادة نصفين في كل رطل وهو ثمانية وعشرون ويناله الناس بأسهل وجدان سالما من الخلط والغش ويامرهم باعادة ما عسى يوجد فيه من المرته والعكار إلى مواعينه ليوزن مع فوارغه ورصد أيضا ما يرد للناس ولو لأكابر الدولة من السمن فيطلق البعض ويأخذ الباقي بالثمن وكذلك ما يأتيهم من البطيخ والدجاج ولو كان لصاحب الدولة حسب اذنه له بذلك كل ذلك للحرص على كثرة وجدان الأشياء وتعدت احكامه إلى بضائع التجار والاقمشة الهندية وأهل مرجوش والمحلاوية وخلافهم وطلب قوائم مشترواتهم والنظر في مكايلهم فضاق خناق أكثر الناس من ذلك لكونهم لم يعتادوه من محتسب قبله وكأنه وصله خبر ولاة الحسبة واحكامهم في الدول المصرية القديمة فإن وظيفة امين الاحتساب وظيفة قضاء وله التحكم والعدالة والتكلم على جميع الأشياء وكان لا يتولاها إلا المتضلع من جميع المعارف والعلوم والقوانين ونظام العدالة حتى على من يتصدر لتقرير العلوم فيحضر مجلسه ويباحثه فإن وجد فيه أهلية للإلقاء اذن له بالتصدر أو منعه حتى يستكمل وكذلك الاطباء والجراحية حتى البياطرية والبزدرية ومعلموا الأطفال في المكاتب ومعلموا السباحة في الماء والنظر في وسق المراكب في الاسفار واحمال الدواب في نقل الأشياء ومقادير روايا الماء مما يطول شرحه وفي ذلك مؤلف للشيخ بن الرفعة وقد يسهل بعض ذلك مع العدالة وعدم الاحتكار وطمع المتولي وتطلعه لما في أيدي الناس وأرزاقهم.
ومما يحكى أن الرشيد سأل الليث بن سعد فقال له: يا ابا الحرث ما صلاح بلدكم يعني مصر فقال له: أما صلاح أمرها ومزارعها فبالنيل وأما احكامها فمن رأس العين يأتي الكدر.
وفي أواخر رمضان زاد المحتسب في نغمات الطنبور وهو أنه أرسل مناديه في مصر القديمة ينادي على نصارى الارمن والاروام والشوام باخلاء البيوت التي عمروها وزخرفوها وسكنوا بها بالانشاء والملك