وفلاحين ومن سائر الاجناس ورجع الكثير من المسافرين على بحر القلزم إلى الحجاز من السويس لقلة المراكب التي تحملهم وغصت المدينة من كثرة الزحام زيادة على ما بها من ازدحام العساكر واخلاط العالم من فلاحي القرى المشيعين والمسافرين ومن يرد من الافاق والبلاد الشامية ونصارى الروم والارمن والدلاة والواردين والذين استدعاهم الباشا من الدروز والمتاولة والنصيرية وغيرهم لعمل الصنائع والمزارع وشغل الحرير وما استجده بوادي الشرق حتى أن الإنسان يقاسي الشدة والهول إذا مر بالشارع من كثرة الازدحام ومرور الخيالة وحمير الاوسية والجمال التي تحمل الاتربة والانقاض والاحجار لعمائر الدولة سوى ما عداها من حمول الاحطاب والبضائع والتراسين حتى الزحمة في داخل العطف الضيقة وزيادة على ذلك كثرة الكلاب بحيث يكون في القطعة من الطريق نحو الخمسين ثم صياحها ونباحها المستمر وخصوصا في الليل على المارين وتشاجرها مع بعضها مما يزعج النفوس ويمنع الهجوع وقد احسن الفرنساوية بقتلهم الكلاب فإنهم لما استقروا وتكرر مرورهم ونظروا إلى كثرة الكلاب من غير حاجة ولا منفعة سوى الهبهبة والعواء وخصوصا عليهم لغرابة أشكالهم فطاف عليها طائف منهم باللحم المسموم فما أصبح النهار إلا وجميعها موتى مطروحة بجميع الشوارع فكان الناس والصغار يسحبونها كذا بالحبال إلى الخلاء واستراحت الأرض ومن فيها منها فالله يكشف عنها مطلق الكرب في الدنيا والآخرة بمنه وكرمه.
واستهل شهر ذي القعدة سنة ١٢٣٢
وفي خامسه يوم الأربعاء وليلة الخميس ارتحل ركب الحجاج المغاربة من الحصوة.
وفي أواخره حصل الأمر للفقهاء بالأزهر بقراءة صحيح البخاري فاجتمع الكثير من الفقهاء والمجاورين وفرقوا بينهم اجزاء وكراريس من البخاري يقرؤون فيها في مقدار ساعتين من النهار بعد الشروق فاستمروا