غلق الحوانيت ليلا ونهارا وانقضى العام بحوادثه ومعظمها مستمر.
فمنها وهو اعظمها شدة الاذية والضيق وخصوصا بذوي البيوت والمساتير من الناس بسبب قطع ايرادهم وأرزاقهم من الفائظ والجامكية السائرة والرزق الاحباسية وضبط الانوال التي تقدم ذكرها وكان يتعيش منها الوف من العالم ولما اشتد الضنك بالملتزمين وتكرر عرضحالهم فأمر لهم بصرف الثلث وتحول المصرفجي على بعض الجهات فكان كلما اجتمع لديه قدر يلحقه الطلب بحوالة من لوازم عساكر السفر المجردين وانقضى العام وأكثر الناس لم يحصل على شي وذلك لكثرة المصاريف والارساليات من الذخائر والغلال والمؤن وخزائن المال من أصناف خصوص الريال الفراسنة والذهب البندقي والمحبوب الإسلامي بالأحمال وهي الأصناف الرائجة بتلك النواحي وأما القروش فلا رواج لها إلا بمصر وضواحيها فقط أخبرني أحد أعيان كتاب الخزينة عن اجرة حمل الذخيرة على جمال العرب خاصة في مرة من المرات خمسة وأربعين ألف فرانسة وذلك من الينبع إلى المدينة حسابا عن اجرة كل بعير ستة فرانسة يدفع نصفها أمير الينبع والنصف الآخر يدفعه أمير المدينة عند وصول ذلك ثم من المدينة إلى الدرعية ما يبلغ المائة والأربعين ألف فرانسة وهو شيء مستمر التكرر والبعوث ويحتاج إلى كنوز قارون وهامان واكسير جابرين حيان!.
ومنها العمارة التي أمر بانشائها الباشا المشار إليه بين السورين وحارة النصارى المعروفة بخميس العدس المتوصل منها إلى جهة الخرنفش وذلك بإشارة أكابر نصارى الافرنج ليجتمع بها أرباب الصنائع الواصلون من بلاد الافرنج وغيرهم وهي عمارة عظيمة ابتدؤا فيها من العام الماضي واستمروا مدة في صناعة الآلات الاصولية التي يصطنع بها اللوازم مثل السند الات والمخارط للحديد والقواديم والمناشير والتزجات ونحو ذلك وافردوا لكل حرفة وصناعة مكانا وصناعا يحتوي المكان على الانوال والدواليب والآلات الغريبة الوضع والتركيب لصناعة القطن وأنواع