بناتهم ويختنون صبيانهم ويشيدون بنيانهم ويصلحون جسورهم وحبوسهم فإذا أخذ النيل في الزيادة شرعوا في زراعة الصيف الذي هو معظم قوتهم وكسبهم حتى إذا انحسر الماء وانكشفت الأراضي وأن أوان التحضير وزراعة الشتوي من البرسيم والغلة وجدوا ما يسدون به مال التجهية وما يرقعون به أحوالهم من بهائم الحرث ومحاريث وتقاوي واجر عمال ونحو ذلك فدهموا هذه السنة بهاتين الآفتين الارضية والسماوية ورحل الكثير عن أهله ووطنه وكان ابتداء طلب هذه الزيادة قبل زيادة النيل ومجيء خبر النصرة فلما ورد خبر النصرة لم يرتفع ذلك.
ومنها الاضطراب في المعاملة بالزيادة والنقص والمناداة عليها كل قليل والتنكيل والترك وبلغ صرف البندقي ثمانمائة وثمانين نصفا فضة والفرانسة أربعمائة نصف وعشرة والمحبوب أربعمائة وأربعين وهو المصري وأما الإسلامبولي فيزيد أربعين والمجر ثمانمائة نصف وأما هذه الانصاف وهي الفضة العددية فهي أسماء من غير مسميات لمنعها واحتكارها فلا يوجد منها في المعاملة بأيدي الناس إلا النادر جدا ولايوجد بالأيدي في محقرات الأشياء وغيرها إلا المجزأ بالخمسة والعشرة والعشرين وتصرف من اليهود والصيارف بالفرط والنقص ومن حصل بيده شيء من الانصاف عض عليه بالنواجذ ولايسمح بإخراج شيء منها إلا عند شدة الاضطرار اللازم.
ومنها أن السيد محمد المحروقي انشأ ببركة الرطلي دار وبستانا في محل الأماكن التي تخربت في الحوادث وذلك أنه لما طرقت الفرنساوية الديار المصرية واختل النظام وجلا أكثر الناس عن اوطانهم وخصوصا سكان الاطراف فبقيت دور البركة خالية من السكان وكان بها عدة من الديار الجليلة منها دار حسن كتخدا الشعراوي وتابعه عمر جاويش وداره على سمته أيضا ودار علي كتخدا الخربطلي ودار قاضي البهار ودار سليمان اغا ودار الحموي وخلاف ذلك دور كانت جارية في وقف عثمان كتخدا القازدغلي وغيره وهذه الدور هي التي ادركناها بل وسكنا بها عدة سنين