للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقيما بجدة وفي ذلك اليوم دخل بواقي الحجاج إلى منازلهم.

واستهل شهر ربيع الأول بيوم الثلاثاء سنة ١٢٣٤

في صبحه دخلوا بالمحل المدينة وأكثر الناس لم يشعر بدخوله وهذا لم يتفق فيما نعلم تاخر الحاج إلى شهر ربيع الاول.

وفي ليلة الثلاثاء ثامنه احترق سوق الشرم والجملون والكائن اسفل جامع الغورية بما فيه من الحوانيت وبضائع التجار والاقمشة الهندية وخلافها فظهرت به النار من بعد العشاء الاخيرة فحضر الوالي واغات التبديل فوجدوا الباب الذي من جهة الغورية مغلقا من داخل وكذلك الباب الذي من الجهة الأخرى وهما في غاية المتانة فلم يزالوا يعالجون فتح الباب بالعتالات والكسر إلى بعد نصف الليل والنار عمالة من داخل وهرب الخفير واحترق ليوان الجامع البراني والدهليز وأخذوا في الهدم وصب المياه بآلات القصارين مع صعوبة العمل بسبب علو الحيطان الشاهقة والاخشاب العظيمة والاحجار الهائلة والعقود فلم يخمد لهب النار إلا بعد حصة من النهار وسرحت النار في اخشاب الجامع التي بداخل البناء ولم يزل الدخان صاعدا منها وسقط الشبابيك النحاس العظام وبقيت مفتتة ومكلسة واستمر العلاج في اطفاء الدخان ثلاثة أيام ولولا لطف المولى وتأخير فتح الباب لكونه مصفحا بالحديد فلم تعمل فيه النار فهو لم يكن كذلك لاحترق وسرحت النار إلى الحوانيت الملاصقة به وهي كلها اخشاب ويعلوها سقائف اخشاب كذلك ومن فوق الجميع السقيفة العظيمة الممتده على السوق من أوله إلى آخره وهي في غاية العلو والارتفاع وكلها اخشاب وحجنة وسهوم وبراطيم من اعلى ومن اسفل لحملها من الجهتين ومن ناحيتها الرباع والوكائل والدور وحيطان الجميع من الحجنة والاخشاب العتيقة التي تشتعل بأدنى حرارة فلو وصلت النار والعياذ بالله تعالى إلى هذه السقيفة لما امكن اطفاؤها بوجه وكان حريقا دوميا ولكن الله سلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>