مقدمة فكان الناس بين مصدق ومكذب حتى وصل في اليوم المذكور إلى بولاق فركب من هناك وتوجه إلى زيارة الإمام الشافعي وطلع إلى القلعة وقابل الكتخدا وسلم عليه وهنئه الشعراء بقصائدهم واعطاهم الجوائز واستمر ازدحام الناس أيام ثم امتنع عن الجلوس في المجلس العام نهارا واعتكف بحجرته الخاصة فلا يجتمع به إلا بعض من يريده من الافراد فانكف الكثير عن الترداد وذلك من حسن الرأي.
واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة ١٢٣٤
فيه حصل الاهتمام بحفر الترعة المعروفة بالاشرفية الموصلة إلى الاسكندرية وقد تقدم في العام الماضي بل والذي قبله اهتمام الباشا ونزل إليها المهندسون ووزنوا ارضها وقاسوا طولها وعرضها وعمقها المطلوب ثم اهمل أمرها لقرب مجيء النيل وتركوا الشغل في بمدئها ولم يترك الشغل في منتهاها عند الاسكندرية بالقرب من عامود السواري فحفورا هناك منبتها وهي بركة متسعة وحوطوها بالبناء المحكم المتين وهي مرسى المراكب التي تعبر منها إلى الاسكندرية بدلا عن البعاز وهو ملتقى البحرين وما يقع فيه من تلف المراكب فتكون هذه اسلم واقرب واقل كلفة أن صحت بل واقرب مسافة ونزل الأمر لكشاف الاقاليم بجمع الفلاحين والرجال على حساب مزارع القدادين فيحصون رجال القرية المزارعين ويدفعون للشخص الواحد عشرة ريالات ويخصم له مثلها من المال وإذا كان له شريك واحب المقام لأجل الزرع الصيفي اعطاه حصته وزاده عليها حتى يرضي خاطره وزوده بما يحتاج إليه أيضا وعند العمل يدفع لكل شخص قرش في كل يوم ويخرج أهل القرية أفواجا ومعهم انفار من مشايخ البلاد ويجتمعون في المكان المأمورين باجتماعهم فيه ثم يسيرون مع الكاشف الذي بالناحية ومعهم طبول وزمور وبيارق ونجارون وبناؤن وحدادون وفرضوا على البلاد التي فيه النخيل غلقانا ومقاطف وعراجين وسلبا وعلى البنادر فؤسا ومساحي شيء كثير بالثمن وطلبوا أيضا طائفة الغواصين لأنهم كانوا