وفيه من الحوادث أن الشيخ إبراهيم الشهير بباشا المالكي بالاسكندرية قرر في درس الفقه أن ذبيحة أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز اكلها وما ورد من اطلاق الاية فإنه قبل أن يغيروا ويبدلوا في كتبهم فلما سمع فقهاء الثغر ذلك انكروه واستغربوه ثم تكلموا مع الشيخ إبراهيم المذكور وعارضوه فقال: أنا لم اذكر ذلك بفهمي وعلمي وإنما تلقيت ذلك عن الشيخ علي الميلي المغربي وهو رجل عالم متورع موثوق بعلمه ثم أنه أرسل إلى شيخه المذكور بمصر يعلمه بالواقع فألف رسالة في خصوص ذلك واطنب فيها فذكر اقوال المشايخ والخلافات في المذاهب واعتمد قول الإمام الطرطوشي في المنع وعدم الحل وحشا الرسالة بالحط على علماء الوقت وحكامه وهي نحو الثلاثة عشر كراسة وارسلها إلى الشيخ إبراهيم فقرأها على أهل الثغر فكثر اللغط والانكار خصوصا وأهل الوقت أكثرهم مخالفون للملة وانتهى الأمر إلى الباشا فكتب مرسوما إلى كتخدا بك بمصر وتقدم إليه بان يجمع مشايخ الوقت لتحقيق المسئلة وأرسل إليه بالرسالة أيضا المصنفة فأحضر كتخدا بك المشايخ وعرض عليهم الأمر فلطف الشيخ محمد العروسي العبارة وقال الشيخ علي الميلي: رجل من العلماء تلقى عن مشايخنا ومشايخهم لا ينكر علمه وفضله وهو منعزل عن خلطة الناس إلا أنه حاد المزاج وبعقله بعض خلل والأولى أن نجمع به ونتذاكر في غير مجلسكم وننهي بعد ذلك الأمر إليكم فاجتمعوا في ثاني يوم وأرسلوا إلى الشيخ علي يدعونه للمناظرة فابى عن الحضور وأرسل الجواب مع شخصين من مجاوري المغاربة يقولان: أنه لا يحضر مع الغوغاء بل يكون في مجلس خاص يتناظر فيه مع الشيخ محمد ابن الأمير بحضرة الشيخ حسن القويسني والشيخ حسن العطار فقط لأن ابن الأمير يناقشه ويشن عليه الغارة فلما قالا ذلك القول تغير ابن الأمير وارعد أبرق وتشاتم بعض من بالمجلس مع الرسل وعند ذلك أمروا بحبسهما في بيت الاغا وأمروا الاغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي واحضاره بالمجلس ولو قهرا عنه فركب.