يرسلوا عسكرا من فلاحي القليوبية والجيزة والبحيرة وشرق اطفيح والمنصورة فقلدوا أمير السفر مصطفى بك اباظة حاكم جرجا سابقا وسافر حسن بك الدالي بالخزينة وارتحل من العادلية في منتصف شهر الحجة وكان خروجه بالموكب في أوائل رجب. فاقام خارج القاهرة نحو خمسة أشهر وثمانية عشر يوما وأوكب مصطفى بك بموكب السفر يوم الخميس خامس الحجة وسافر في المحرم سنة ثمان وأربعين.
وفي عاشر الحجة يوم الاضحية قبل إذان العصر خرجت ريح سوداء غريبة اظلمت منها الدنيا وحجبت نور الشمس فغرق منها مراكب وسقطت اشجار ومن جملتها شجرة جميز عظيمة بناحية الشيخ فمر وهدمت دورا قديمة وشجرة اللبخة بديوان مصر القديمة ثم اعقبها بعد العشاء مطرة عظيمة ووصل أيوب بك أمير سفر العجم وطلع إلى الديوان والبسه الباشا قفطان القدوم والسدادة وأصحاب الدركات وكانت مدة غيابه سنتين وثلاثة أشهر.
وفي أيامه ورد أغا وعلى يده مراسيم وأوامر منها ابطال مرتبات الأولاد والعيال ومنها ابطال التوجيهات وإن المال يقبض إلى الديوان ويصرف من الديوان وإن الدفاتر تبقى بالديوان ولا تنزل بها الافندية إلى بيوتهم. فلما قرىء ذلك قال القاضي: أمر السلطان لا يخالف ويجب اطاعته. فقال الشيخ سليمان المنصوري يا قاضي الإسلام هذه المرتبات فعل نائب السلطان وفعل النائب كفعل السلطان وهذا شيء جرت به العادة في مدة الملوك المتقدمين وتداولته الناس وصار يباع ويشرى ورتبوه على خيرات ومساجد وأسبلة ولا يجوز ابطال ذلك وإذا بطل بطلت الخيرات وتعطلت الشعائر المرصد لها ذلك فلا يجوز لاحد يؤمن بالله ورسوله ابن يبطل ذلك وإن أمر ولي الأمر بابطاله لا يسلم له ويخالف أمره لأن ذلك مخالف للشرع ولا يسلم للإمام في فعل ما يخالف الشرع ولا لنائبه