ورجع سنة أربع وخمسين في أمن وأمان وطلع عمر بك ابن علي بك قطامش سنة أربع وخمسين ورجع سنة خمس وخمسين. ثم ورد أمر للمترجم بامارة الحج سنة خمس وخمسين وذلك في ولاية يحيى باشا. وفي تلك السنة عمل المترجم وليمة ليحيى باشا في بيته وحضر إليه وقدم له تقادم وهدايا ولم يتفق نظير ذلك فيما تقدم بان الباشا نزل إلى بيت أحد من الأمراء وإنما كانوا يعملون لهم الولائم بالقصور خارج مصر مثل قصر العيني أو المقياس. وطلع بالحج تلك السنة ورجع سنة ست وخمسين في أمن وأمان وانتهت إليه الرياسة وشمخ على أمراء مصر ونفذ احكامه عليهم قهرا عنهم وعمل في بيته دواوين لحكومات العامة وانصاف المظلوم من الظالم وجعل لحكومات النساء ديوانا خاصا ولا يجري احكامه إلا على مقتضى الشريعة ولا يقبل الرشوة ويعاقب عليها ويباشر أمور الحسبة بنفسه. وعمل معدل الخبز وغيره حتى الشمع والفحم ومحقرات المبيعات شفقة على الفقارء ومنع المحتسب من أخذ الرشوات وهجج الشهود من المحاكم. وكان يرسل الخاصكية اتباعه في التعايين حتى على الأمراء ولم يعهد عليه أنه صادر أحدا في ماله وأخذ مصلحة على ميراث ومات كثير من الأغنياء وأرباب الأموال العظيمة مثل عثمان حسون وسليمان جاويش تابع عثمان كتخدا فلم تطمح نفسه لشيء من أموالهم. ولما ورد الأمر بابطال المرتبات وجعلوا على تنفيذها مصلحة للباشا وغيره افرزوا له قدرا امتنع من قبوله واقتدى به رضوان بك وقال: هذا من دموع الفقراء وإن حصلت الاجابة كانت مظلمة وإن لم تحصل كانت مظلمتين. وكان عالي الهمة حسن السياسة ذكي الفطنة يحب اقامة الحق والعدل في الرعية وهابته العرب وامنت الطرق والسبل البرية والبحرية في أيامه وله حسن تدبير في الأمور طاهر الذيل شديد االغيرة. ولم يأت بعد إسمعيل بك ابن ايواظ في أمراء مصر من يشابهه او