ويدخلهم في الوجاقات والبلكات بالمصانعات والرشوات لارباب الحل والعقد والمتكلمين وتنقلوا حتى تلبسوا بالمناصب الجليلة كتخدا آت واختيارية وأمراء طبلخانات وجاويشية وأوده باشية وغير ذلك حتى صار من مماليكه ومماليكهم من يركب في العذارات فقط نحو المائة وصار لهم بيوت واتباع ومماليك وشهرة عظيمة بمصر وكلمة نافذة وعزوة كبيرة. وكان يركب حمارا ويعتم عمة لطيفة على طربوش وخلفه خادمه ومات في سن السبعين ولم يبق في فمه سن وكان يقال له صالح جلبي والحاج صالح وبالجملة فكان من نوادر الزمن وكان يقرض إبراهيم كتخدا وأمراءه بالمائة كيس وأكثر وكذلك غيرهم ويخرج الأموال بالربا والزيادة وبذلك امحقت دولتهم وزالت نعمهم في أقرب وقت وآل أمرهم إلى البوارهم وأولادهم وبواقيهم لذهاب ما في ايديهم وصاروا اتباعا واعوانا للامراء المتأخرين.
ومات الأمير إبراهيم كتخدا تابع سليمان كتخدا القازدغلي وسليمان هذا تابع مصطفى كتخدا الكبير القازدغلي وخشداش حسن جاويش أستاذ عثمان كتخدا والد عبد الرحمن كتخدا المشهور لبس الضلمة في سنة ١١٤٨ وعمل جاويشا وطلع سردار قطار في الحج في إمارة عثمان بك ذي الفقار سنة ١١٥٣. وفي تلك السنة استوحش منه عثمان بك باطنا لأنه كان شديد المراس قوي الشكيمة وبعد رجوعه من الحج في سنة ١١٥٢ نما ذكره وانتشر صيته ولم يزل من حينئذ ينمو أمره وتزيد صولته وتنفذ كلمته وكان ذا دهاء ومكر وتحيل ولين وقسوة وسماحة وسعة صدر وتؤدة وحزم وإقدام ونظر في العواقب. ولم يزل يدبر على عثمان بك وضم إليه كتخداه أحمد السكري ورضوان كتخدا الجلفي وخليل بك قطامش وعمر بك بسبب منافسة معه على بلاد هوارة كما تقدم حتى أوقع به على حين غفلة وخرج عثمان بك من مصر على الصورة المتقدمة.