وذكره في مجموعته واثنى عليه وأورد له من شعره كثيرا ثم توجه إلى الشام وقد وافاه الحمام ودفن بالصالحية سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف. ومات الشيخ الصالح الشاعر اللبيب الناظم الناثر الشيخ عامر الانبوطي الشافعي شاعر مفلق هجاء لهيب شراره محرق كان يأتي من بلده يزور العلماء والأعيان. وكلما راى لشاعر قصيدة سائرة قلبها وزنا وقافية إلى الهزل والطبيخ فكانوا يتحامون عن ذلك. وكان الشيخ الشبراوي يكرمه ويكسبه ويقول له: يا شيخ عامر لا تزفر قصيدتي الفلانية وهذه جائزتك. ومن بعده الشيخ الحفني كان يكرمه ويغدق عليه ويستأنس لكلامه. وكان شيخا مسنا صلحا مكحل العينين دائما عجيبا في هيئته ومن نظمه الفية الطعام على وزن الفية ابن مالك وأولها:
يقول عامر هو الانبوطي ... أحمد ربي لست بالقنوطي
ومات الأمير الكبير عمر بك بن حسن بك رضوان وذلك أنه لما قلد إبراهيم كتخدا تابعه علي بك الكبير إمارة الحج وطلع بالحجاج ورجع في سنة ١١٦٧ ونزل عليهم السيل العظيم يظهر حمار والقى الحجاج واحمالهم إلى البحر ولم يرجع منهم إلا القليل تشاوروا فيمن يقلدونه إمارة الحج فاقتضى راي إبراهيم كتخدا تولية المترجم وقد صار مسنا هرما فاستعفى من ذلك فقال له: إبراهيم كتخدا اما أن تطلع بالحج أو تدفع مائتي كيس مساعدة. فحضر عند إبراهيم كتخدا فرأى منه الجد. فقال: إذا كان ولا بد فإني أصرفها واحج ولو إني أصرف ألف كيس. ثم توجه إلى القبلة وقال اللهم لا ترني وجه إبراهيم هذا بعد هذا اليوم اما إني أموت أو هو يموت. فاستجاب الله دعوته ومات إبراهيم كتخدا في صفر قبل دخول الحجاج إلى مصر بخمسة أيام. وتوفي عمر بك المذكور سنة ١١٧١.
ومات الرجل الفاضل النبيه الذكي المتفنن المتقن الفريد الأوسطي