مطلع شمس مشارق أنوارهم مقتبس من مشكاة النبوة المصطفوية ومعدن شجرة اسرارهم مؤيد بالكتاب والسنة لا أحصي ثناء عليهم أفض اللهم علينا مما لديهم.
الثالث: الملوك وولاة الأمور يراعون العدل والانصاف بين الناس والرعايا توصلا إلى نظام المملكة وتوسلا إلى قوام السلطنة لسلامة الناس في أموالهم وابدانهم وعمارة بلدانهم ولولا قهرهم وسطوتهم لتسلط القوي على الضعيف والدنيء على الشريف. فرأس المملكة واركانها وثبات احوال الأمة وبنيانها العدل والانصاف سواء كانت الدولة اسلامية أو غير اسلامية فهما اس كل مملكة وبنيان كل سعادة ومكرمة. فإن الله تعالى أمر بالعدل ولم تكتف به حتى اضاف إليه الاحسان فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ} لأن بالعدل ثبات الأشياء ودوامها وبالجور والظلم خرابها وزوالها فإن الطباع البشرية مجبولة على حب الانتصاف من الخصوم وعدم الإنصاف لهم والظلم والجور كامن في النفوس لا يظهر إلا بالقدرة كما قيل:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
... ذا عفة فلعلة لا يظلم
فلولا قانون السياسة وميزان العدالة لم يقدر مصل على صلاته ولا عالم على نشر علمه ولا تاجر على سفره.
فان قيل: فما حد الملك العادل قلنا هو مما قال العلماء بالله من عدل بين العباد وتحذر عن الجور والفساد حسبما ذكره رضي الصوفي في كتابه المسمى بقلادة الأرواح وسعادة الافراح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة قيام ليلها وصيام نهارها" وفي حديث آخر: "والذي نفس محمد بيده أنه ليرفع للملك العادل إلى السماء مثل عمل الرعية وكل صلاة يصليها تعدل سبعين ألف صلاة" وكأن الملك العادل قد عبد الله بعبادة كل عابد وقام له بشكر كل شاكر فمن لم يعرف قدر هذه النعمة الكبرى والسعادة.