وسافرت من طريق دمياط في البحر. فلما وصلوا إلى الديار الشامية فحاصروا يافا وضيقوا عليها حتى ملكوها بعد أيام كثيرة ثم توجهوا إلى باقي المدن والقرى وحاربهم النواب والولاة وهزموهم وقتلوهم وفروا من وجوههم واستولوا على المماليك الشامية إلى حد حلب ووردت البشائر بذلك فنودي بالزينة فزينت مصر وبولاق ومصر العتيقة زينة عظيمة ثلاثة أيام بلي إليها وتفاخروا في ذلك إلى الغاية وعملت وقدات واحمال قناديل وشموع بالاسواق وسائر الجهات وعملوا ولائم ومغاني وآلات وطبولا وشنكا وحراقات وغير ذلك وذلك في شهر ربيع أول من السنة. وتعاظم علي بك في نفسه ولم يكتف فأرسل إلى محمد بك يأمره بتقليد الأمراء والمناصب والولايات على البلاد التي افتتحوها وملكوها وإن يستمر في سيره ويتعدى الحدود ويستولي على المماليك إلى حيث شاء وهو يتابع إليه ارسال الامدادات واللوازم والاحتياجات. ولا يثنون عنانهم عما يامرهم به. فعند ذلك جمع محمد بك أمراءه وخشداشينه الكبار في خلوة وعرض عليهم الأوامر فضاقت نفوسهم وسئموا الحرب والقتال والغربة وذلك ما في نفس محمد بك أيضا. ثم قال لهم: ما تقولون قالوا: وما الذي تقوله والرأي لك فانت كبيرنا ونحن تحت أمرك واشارتك ولا نخالفك فيما تأمر به. فقال: ربما يكون رأيي مخالفا لامر أستاذنا. قالوا: ولو مخالفا لأمره فنحن جميعا لا نخرج عن أمرك واشارتك فقال: لا أقول لكم شيئا حتى نتحالف جميعا ونتعاهد على الرأي الذي يكون بيننا. ففعلوا ذلك وتعاهدوا وحلفوا على السيف والكتاب. ثم أنه قال لهم: إن أستاذكم يريد أن تقطعوا اعماركم في الغربة والحرب والاسفار والبعد عن الأوطان وكلما فرغنا من شيء فتح علينا غيره فرأيي أن نكون على قلب رجل واحد ونرجع إلى مصر ولا نذهب إلى جهة من الجهات وقد فرغنا من خدمتنا وإن كان يريد غير ذلك من المماليك يولي