عليك ويلاطفه حتى ترجع له نفسه ثم يخاطبه فيما طلبه بصدده وكان صحيح الفراسة شديد الحذق يفهم ملخص الدعوى الطويلة بين المتخاصمين ولا يحتاج في التفهيم إلى ترجمان أو من يقرأ له الصكوك والوثائق بل يقرأها ويفهم مضمونها ثم يمضيها أو يمزقها. وألبس سراجينه قواويق فتلى بالفاء من جوخ أصفر تمييزا لهم عن غيرهم من سراجين أمرائه ولم يزل منفردا في سلطنة مصر لا يشاركه مشارك في رأيه ولا في احكامه وامرؤها وحكامها مماليكه وأتباعه فلم يقنع بما أعطاه مولاه وخوله من ملك بحريها وقبليها الذي افتخرت به الملوك والفراعنة على غيرها من الملوك وشرهت نفسه وغرته أمانيه وتطلبت نفسه الزيادة وسعة المملكة وكلف أمراءه الأسفار وفتح البلاد حتى ضاقت أنفسهم وشموا الحروب والغربة والبعد عن الوطن فخالف عليه كبير أمرائه محمد بك ورجع بعد فتح البلاد الشامية بدون استئذان منه واستوحش كل من الآخر فوثب عليه وفر منه إلى الصعيد وكان ما كان من رجوعه بمن انضم إليه وخامر معه وكانت وكانت الغلبة له على مخدومه وفر منه إلى الشام وجند الجنود وقصد العود لمملكته ومحل سيادته فوصل إلى الصالحية. وخرج إليه محمد بك وتلاقيا وأصيب المترجم بجراحة في وجهه وأخذ أسيرا وقتل من قتل من أمرائه ورجع محمد بك وصحبته مخدومه المذكور محمولا في تخت فأنزلوه في داره بدرب عبد الحق فأقام سبعة أيام ومات والله أعلم بكيفية موته. وكان ذلك في منتصف شهر صفر من السنة. فغسل وكفن وخرجوا بجنازته وصلى عليه بمصلى المؤمنين في مشهد حافل ودفن بتربة أستاذه إبراهيم كتخدا بالقرافة الصغرى بجوار الإمام الشافعي ومدفنهم مشهور هناك وبواجهته سبيل يعلوه قصر مفتح الجوانب. ومن مآثره العمارة العظيمة بطندتا وهي المسجد الجامع والقبة على مقام سيدي أحمد