السراري الحسان من مالها وتنظمهن بالحلي والملابس وتقدمهن إليه وتعتقد حصول الأجر والثواب لها بذلك وكان يتزوج عليها كثيرا من الحرائر ويشتري الجوارى فلا تتأثر من ذلك ولا يحصل عندها ما يحصل في النساء من الغيرة. ومن الوقائع الغريبة أنه لما حج المترجم في سنة ست وخمسين واجتمع به الشيخ عمر الحلبي بمكة الوصي بان يشترى جارية بيضاء تكون بكرا دون البلوغ وصفتها كذا وكذا فلما عاد من الحج طلب من اليسرجية الجوارى لينقى منهن المطلوب فلم يزل حتى وقع على الغرض فاشتراها وأدخلها عند زوجته المذكورة حتى يرسلها مع من أوصاه بارسالها صحبته. فلما حضر وقت السفر أخبرها بذلك لتعمل لهم ما يجب من الزوادة ونحو ذلك فقالت له إني أحببت هذه الوصية حبا شديدا ولا أقدر على فراقها وليس لي أولاد وقد جعلتها مثل ابنتي والجارية بكت أيضا وقالت لا أفارق سيدتي ولا اذهب من عندها أبدا. فقال: وكيف يكون العمل قالت ادفع ثمنها من عندى واشتر أنت غيرها ففعل. ثم انها اعتقتها وعقدت له عليها وجهزتها وفرشت لها مكانا على حدتها وبنى بها في سنة خمس وستين وكانت لا تقدر على فراقها ساعة مع كونها صارت ضرتها وولدت له أولادا. فلما كان في سنة اثنين وثمانين المذكورة مرضت الجارية فمرضت فقامت الجارية في ضحوة النهار فنظرت إلى مولاتها وكانت في حالة غطوسها فبكت وزاد بها الحال وماتت تلك الليلة فأضجعوها بجانبها فاستيقظت مولاتها آخر الليل وحبستها بيدها وصارت تقول أن قلبي يحدثني انها ماتت ورأيت في منامي ما يدل على ذلك فلما تحققت ذلك قامت وجلست وهي تقول لا حياة لي بعدها وصارت تبكي وتنتحب حتى طلع النهار وشرعوا في تشهيلها وتجهيزها وغسلوها بين يديها وشالوا جنازتها ورجعت إلى فراشها ودخلت في سكرات الموت وماتت آخر النهار وخرجوا بجنازتها أيضا في اليوم الثاني. وهذا من أعجب ما شاهدته