بلسانهم ولغتهم واصطلاحهم ورغبتهم فيما يعلمونه فيه من المزايا والاسرار والمعارف المختص بها دون غيره وخصوصا أكابر العثمانيين والوزراء وأهل العلوم والفضلاء منهم مثل علي باشا ابن الحكيم وراغب باشا وأحمد باشا الكور وغيرهم ويأتون إليه أحيانا في التبديل. وأكرموه وهادوه كل ذلك مع العفة والعزة وعدم التطلع لشيء من أسباب الدنيا بوظيفة أو مرتب أو فائظ أو نحو ذلك. وكان بينه وبين الأمير عثمان بك ذي الفقار صحبة ومحبة وحج في أيام إمارته على الحج مرافقا له ثلاث مرات من ماله وصلب حاله ولم يصله منه سوى ما كان يرسله إليه على سبيل الهدية وكان منزل سكنه الذي بالصنادقية ضيقا من أسفل وكثير الدرج فعالجه إبراهيم كتخدا على أن يشترى له أو يبني له دارا واسعة فلم يقبل وكذلك عبد الرحمن كتخدا وكان له ثلاثة مساكن أحدها هذا المنزل بالقرب من الأزهر وآخر بالابزارية بشاطىء النيل ومنزل زوجته القديمة تجاه جامع مرزه. وفي كل منزل زوجة وسرار وخدم فكان ينتقل فيها مع أصحابه وتلامذته وكان يقتني المماليك والعبيد والجوارى البيض والحبوش والسود ومات له من الأولاد نيف وأربعون ولدا ذكورا واناثا كلهم دون البلوغ ولم يعش له من الأولاد سوى الحقير وكان يرى الأشتغال بغير العلم من العبثيات وإذا أتاه طالب فرح به وأقبل عليه ورغبه وأكرمه وخصوصا إذا كان غريبا وربما دعاه للمحاورة عنده وصار من جملة عياله ومنهم من أقام عشرين عاما قياما ونياما لا يتكلف إلى شىء من أمر معاشه حتى غسل ثيابه من غير ملل ولا ضجر. وانجب عليه كثير من علماء وقته المحققين طبقة بعد طبقة مثل الشيخ أحمد الراشدى والشيخ إبراهيم الحلبي والشيخ مصطفى أبي الاتقان الخياط والسيد قاسم التونسي والشيخ العلامة أحمد العروسي والشيخ إبراهيم الصيحاني المغربي والطبقة الاخيرة التي ادركناها مثل الشيخ أبي الحسن