للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأصول الموسيقي ولذلك ناطت به رغبة الأمراء فصلى إماما بالأمير محمد بك ابن إسمعيل بك مع كمال العفة والوقار والانجماع عن الناس حتى أن كثير منهم يود أن يسمع منه حزبا من القرآن فلا يمكنه ذلك ثم اقلع عن ذلك واقبل على إفادة الناس فقرأ المنهج مرارا وابن حجر على المنهاج مرارا وكان يتقنه ويحل مشكلاته بكمال التؤدة والسكينة فاستمر مدة يقرأ دروسه بمدرسة السنانية قرب الأزهر ثم انتقل إلى زاوية قرب المشهد الحسيني وكان تقرير مثل سلاسل الذهب في حسن السبك وقد انتفع به كثير من الأعلام ولما بنى المرحوم محمد بك أبو الذهب المدرسة تجاه الجامع الأزهر في هذه السنة راوده أن يكون خطيبا بها فامتنع فالح عليه وأرسل له صرة فيها دنانير لها صورة فأبى أن يقبل ذلك ورده فالح عليه فلما أكثر عليه خطب بها أول جمعة وألبسه فروة سمور وأعطاه صرة فيها دنانير فقبلها كرها ورجع إلى منزله محموما يقال فيما بلغني أنه طلب من الله أن لا يخطب بعد ذلك فانقطع في منزله مريضا إلى أن توفي ليلة الثلاثاء ثاني شوال من السنة وجهز ثاني يوم وصلى عليه بالأزهر في مشهد حافل ودفن بالقرافة الصغرى تجاه قبة أبي جعفر الطمحاوى ولم يخلف بعده في جمع الفضائل مثله. وكان صفته نحيف البدن منور الوجه والشيبة ناتىء الجبهة ولا يلبس زى الفقهاء ولا العمامة الكبيرة بل يلبس قاووقا لطيفا فتلي ويركب بغلة وعليها سلخ شاة أزرق. وأخذ كتبه الأمير محمد بك ووقفها في كتبخانته التي جعلها بمدرسته وكان لها جرم وكلها صحيحة مخدومة وسرق غالبها.

ومات الشيخ الصالح سعد بن محمد بن عبد الله الشنواني حصل في مباديه شيئا كثيرا من العلوم ومال إلى فن الأدب فمهر فيه وتنزل قاضيا في محكمة باب الشعرية بمصر وكان إنسانا حسنا بينه وبين الفضلاء مخاطبات ومحاورات وشعره حسن مقبول وله قصائد ومدائح في الأولياء وغيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>