خاطره في شيء من ذلك. ولما بنى الأمير المذكور مدرسته كان المترجم هو المتعين في التدريس بها داخل القبة على الكرسي وابتدأ بها البخارى وحضره كبار المدرسين فيها وغيرهم ولم يترك درسه بالأزهر ولا بالبرديكية. وكان يقرأ قبل ذلك بمسجد الغريب عند باب البرقية في وظيفة جعلها له الأمير عبد الرحمن كتخدا وكذلك وظيفة بعد الجمعة بجامع مرزه ببولاق. وكان على قدم السلف في الأشتغال والقناعة وشرف النفس وعدم التصنع والتقوى ولا يركب إلا الحمار ويؤاسي أهله وأقاربه ويرسل إلى فقرائهم ببلده الصلات والاكسية والبز والطرح للنساء والعصائب والمداسات وغير ذلك. ولم يزل مواظبا على الأقراء والإفادة حتى تمرض بخراج في ظهره أياما قليلة وتوفي في عاشر رجب من السنة وصلي عليه بالأزهر بمشهد عظيم ودفن بالبستان بالقرافة الكبرى رحمه الله ولم يخلف بعده مثله ولم أعثر على شيء من مراثيه. ومات الإمام العلامة الفقيه الصالح الشيخ أحمد بن عيسى بن أحمد ابن عيسى بن محمد الزبيرى البراوى الشافعي ولد بمصر وبها نشأ وحفظ القرآن والمتون وتفقه على والده وغيره وحضر المعقول وتمهر وأنجب ودرس في حياة والده وبعد وفاته تصدر للتدريس في محله وحضره طلبة أبيه واتسعت حلقة درسه مثل أبيه واشتهر ذكره وانتظم في عداد العلماء. وكان نعم الرجل شهامة وصرامة وفيه صداقة وحب للإخوان. توفي بطندتا ليلة الأربعاء ثالث شهر ربيع الأول فجأة إذ كان ذهب للزيارة المعتادة وجيء به إلى مصر فغسل في بيته وكفن وصلي عليه بالجامع الأزهر ودفن بتربة والده بالمجاورين.
ومات الإمام الفاضل المسن الشيخ أحمد بن رجب بن محمد البقرى الشافعي المقرى حضر دروس كل من الشيخ المدابغي والحفني ولازم الأول كثيرا فسمع منه البخاري بطرفيه والسيرة الشامية كلها وكتب.