للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا الذهب. وعظم شأنه في زمن قليل ونوه مخدومه بذكره وعينه في المهمات الكبيرة والوقائع الشهيرة وكان سعيد الحركات مؤيد العزمات لم يعهد عليه الخذلان في مصاف قط وقد تقدمت أخباره ووقائعه في أيام أستاذه علي بك وبعده واستكثر من شراء المماليك والعبيد حتى اجتمع عنده في الزمن القليل مالا يتفق لغيره في الزمن الكثير وتقلدوا المناصب والأمريات. فلما تمهدت البلاد بسعده المقرون ببأس أستاذ خالف عليه وضم المشردين وغمرهم بالاحسان واستمال بواقي أركان الدولة واستلين الجميع جانبه وجنحوا إليه وأحبوه وأعانوه وتعصبوا له وقاتلوا بين يديه حتى أراحوا علي بك وخرج هاربا من مصر إلى الشام واستقر المترجم بمصر وساس الأمور وقلد المناصب وجبى الأموال والغلال وراسل الدولة العثمانية واظهر لهم الطاعة وقلد مملوكه إبراهيم بك إمارة الحج تلك السنة وصرف العلائف وعوائد العربان وأرسل الغلال للحرمين والصرر وتحرك علي بك للرجوع إلى مصر وجيش الجيوش فلم يهتم المترجم لذلك وكاد له كيدا بان جمع القرانصة والذين يظن فيهم النفاق وأسر إليهم أن يراسلوا علي بك ويستعجلوه في الحضور ويثقوا مساوىء للمترجم ومنفرات ويعدوه بالمخامرة معه والقيام بنصرته متى حضر وأرسلوها إليه بالشريطة السرية. فراج عليه ذلك واعتقد صحته وأرسل إليهم بالجوابات وأعادوا له الرسالة كذلك باطلاع مخدومهم واشارته فعند ذلك قوى عزم علي بك على الحضور وأقبل بجنوده إلى جهة الديار المصرية فخرج إليه المترجم ولاقاه بالصالحية وأحضره أسيرا كما تقدم. ومات بعد أيام قليلة وانقضى أمره وارتاح المترجم من قبله وجمع باقي الأمراء المطرودين والمشردين وأكرمهم واستخدمهم وواساهم واستوزرهم وقلدهم المناصب ورد إليهم بلادهم وعوائدهم واستعبدهم بالإحسان والعطايا واستبدلهم العز بعد الذل والهوان وراحة الأوطان بعد الغربة والتشريد والهجاج

<<  <  ج: ص:  >  >>