للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا شأنه إلى أن استفحل أمر علي بك وأخرجه منفيا إلى الحجاز وذلك في أوائل شهر القعدة ١١٧٨ فأقام بالحجاز اثنتي عشرة سنة فلما سافر يوسف بك أميرا بالحاج في السنة الماضية صمم على أحضاره صحبته إلى مصر فأحضره في تختروان وذلك في سابع شهر صفر سنة ١١٩٠ وقد استولى عليه العي والهرم وكرب الغربة فدخل إلى بيته مريضا فأقام أحد عشر يوما ومات فغسلوه وكفنوه وخرجوا بجنازته في مشهد حافل حضره العلماء والأمراء والتجار ومؤذنو المساجد وأولاد المكاتب التي أنشأها ورتب لهم فيها الكساوى والمعاليم في كل سنة وصلوا عليه بالأزهر ودفن بمدفنه الذى أعده لنفسه بالأزهر عند الباب القبلي. ولم يخلف بعده مثله رحمه الله. ومن مساويه قبول الرشا والتحيل على مصادرة بعض الأغنياء في أموالهم واقتدى به في ذلك غيره حتى صارت سنة مقررة وطريقة مسلوكة ليست منكرة وكذلك المصالحة على تركات الأغنياء التي لها وارث ومن سيآته العظيمة التي طار شررها وتضاعف ضررها وعم الاقليم خرابها وتعدى إلى جميع الدنيا هبابها معاضدته لعلي بك ليقوى به على أرباب الرئاسة فلم يزل يلقي بينهم الفتن ويغرى بعضهم على بعض ويسلط عليهم علي بك المذكور حتى أضعف شوكات الاقوياء وأكد العداوة بين الأصفياء واشتد ساعد علي بك فعند ذلك التفت إليه وكلب بنابه عليه وأخرجه من مصر وأبعده عن وطنه فلم يجد عند ذلك من يدافع عنه وأقام هذه المدة في مكة غريبا وحيدا وأخرج أيضا في اليوم الذي أخرجه فيه نيفا وعشرين اميرا من الاختيارية كما تقدم. فعند ذلك خلا لعلي بك وخشداشينه الجو فماضوا وأفرخوا وامتد شرهم إلى الآن الذي نحن فيه كما سيتلى عليك بعضه فهو الذي كان السبب بتقدير الله تعالى في ظهور أمرهم فلو لم يكن له من المساوىء إلا هذه لكفاه ولما رجع من الحجاز متمرضا ذهب إليه إبراهيم بك ومراد بك وباقي خشداشينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>