ومات الأمير أغا المعمار وهو من مماليك مصطفى بك المعروف بالقرد وخشداش صالح بك الكبير وكان من الأبطال المعروفين والشجعان المعدودين فلما قتل كبيرهم صالح بك استمر في بلاد قبلي على ما يتعلق به من الالتزام ويدفع ما عليه من المال والغلال إلى أن استوحش محمد بك أبو الذهب من سيده علي بك وخرج إلى الصعيد وقتل خشداشه أيوب بك وتحقق الاجانب بذلك صحة العداوة فأقبلوا على محمد بك من كل جانب برجالهم وأموالهم ومنهم علي أغا المذكور وكان ضخما عظيم الخلقة جهورى الصوت شهما يصدع بالكلام فأنس به محمد بك وأكرمه واجتهد هو في نصرته ومناصحته وجمع إليه الأمراء والأجناد المنفيين والمطرودين الذين شتتهم علي بك وقتل أسيادهم وكبار الهوارة الذين قهرهم علي بك أيضا واستولى على بلادهم مثل أولادهم وأولاد نصير وأولاد وافي وإسمعيل أبي علي وابي عبد الله وغيرهم وحضر معه الجميع إلى جهة مصر كما تقدم. ولما وصلوا إلى تجاه التبين وأبرج لهم علي بك التجريدة وأميرها علي بك الطنطاوى خرج علي اغا هذا إلى الحرب هو ومن معه وبأيديهم مساوق غلاظ قصيرة ولها جلب حديد وفي طرفها أزيد من قبضة بها مسامير متينة محددة الرؤوس إلى خارج يضربون بها خوذة الفارس ضربة واحدة فتنخسف في دماغه وكانت هذه من مبتكرات المترجم حتى أنه سمى بأبي الجلب. ولما خلصت إمارة مصر إلى محمد بك جعل كتخداه إسمعيل أغا أخا علي بك الغزاوى المذكور فنقم عليه أمورا فأهمله وأحضر علي أغا هذا وخلع عليه وجعله كتخداه فسار في الناس سيرا حسنا ويقضي حوائج الناس من غير تطلع إلى شيء ويقول: الحق ولو على مخدومه وكان مخدومه أيضا يحبه ويرجع إلى رأيه في الأمور لما تحققه فيه من المناصحة وعدم الميل إلى هوى النفس وعرض الدنيا وكان يجب أهل العلم والفضل والقرآن ويميل بكليته إليهم مع لين الجانب والتواضع وعدم الانفة. ولما