وركب للسلام على إبراهيم بك فقط في الخلاء ولم يذهب إلى أحد من القادمين وسكن الحال على ذلك أياما وشرع إبراهيم بك في اجراء الصلح وصفاء الخاطر بينهم وبين مراد بك وأمرهم بالذهاب إليه فذهبوا إليه وسلموا عليه ثم ركب هو الآخر إليهم ما عدا الثلاثة المعزولين وكل ذلك وهو ينقل في متاع بيته وتعزيل ما فيه ثم أنه ركب في يوم الجمعة وعدى إلى جزيرة الذهب وتبعه كشافه وطوائفه وأرسل إلى بولاق وأخذ منها الارز والغلة والشعير والبقسماط وغير ذلك فأرسل له إبراهيم بك لاجين بك وسليمان بك أبا نبوت ليردوه عن ذلك فنهرهم وطردهم فرجعوا ثم أنه عدى إلى ناحية الشرق وذهب إلى قبلي وتبعه اغراضه وأتباعه وحملته من البر والبحر.
وفي هذه السنة قصر مد النيل وانهبط قبل الصليبة بسرعة فشرقت الأراضي القبلية والبحرية وعزت الغلال بسبب ذلك وبسبب نهب الأمراء وانقطاع الوارد من الجهة القبلية وشطح سعر القمح إلى عشرة ريالات الأردب واشتد جوع الفقراء. ووصل مراد بك إلى بني سويف وأقام هناك وقطع الطريق على المسافرين ونهبوا كل ما مر بهم في المراكب الصاعدة والهابطة.
من مات في هذه السنة من الأعيان.
توفي الفقيه النبيه العمدة الفاضل حاوى أنواع الفضائل الشيخ أحمد ابن الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن محمد السجاعي الشافعي الأزهري ولد بمصر ونشأ بها وقرأ على والده وعلى كثير من مشايخ الوقت وتصدر للتدريس في حياة أبيه وبعد موته في مواضعه وصار من اعيان العلماء وشارك في كل علم وتميز بالعلوم الغربية ولازم الوالد وأخذ عنه علم الحكمة والهداية وشرحها للقاضي زاده قراءة بحث وتحقيق.