العروسي شيخ الأزهر إلى مراد بك ليأخذوا خاطره ويطلبوه للصلح مع خشداشينه ويرجع إليهم ويقبلوا شروطه ما عدا اخراج أحد من خشداشينهم. فلما سافروا إليه وواجهوه وكلموه في الصلح تعلل باعذار واخبر أنه لم يخرج من مصر إلا هروبا خوفا على نفسه فإنه تحقق عنده توافقهم على غدره فإن ضمنتهم وحلفتم لي بالايمان أنه لا يحصل لي منهم ضرر وافقتكم على الصلح وإلا فدعوني بعيدا عنهم. فقالوا له: لسنا نطلع على القلوب حتى نحلف ونضمن ولكن الذى نظنه ونعتقده عدم وقوع ذلك بينكم لانكم اخوة ومقصودنا الراحة فيكم وبراحتكم ترتاح الناس وتأمن السبل فأظهر الامتثال ووعد بالحضور بعد أيام وقال لهم: إذا وصلتم إلى بني سويف ترسلون لي عثمان بك الشرقاوى وأيوب بك الدفتردار لاشترط عليهم شروطي فإن قبلوها توجهت معهم وإلا عرفت خلاصي معهم. وانفصلوا عنه على ذلك وودعوه وسافروا وحضروا إلى مصر في ليلة الجمعة ثالث عشرين شهر صفر.
وفي ذلك اليوم وصل الحجاج إلى مصر ودخل أمير الحج مصطفى بك بالمحمل في يوم الأحد.
وفي يوم السبت مستهل ربيع الأول خرج الأمراء إلى ناحية معادي الخبير وحضر مراد بك إلى بر الجيزة وصحبته جمع كبير من الغز والاجناد والعربان والغوغاء من أهل الصعيد والهوارة ونصبوا خيامهم ووطاقهم قبالتهم في البر الآخر فأرسل إليه إبراهيم بك عبد الرحمن بك عثمان وسليمان بك الشابورى وآخرين في مركب فلما عدوا إليه لم يأذن لهم في مقابلته وطردهم ونزل أيضا كتخدا الباشا وصحبته إسمعيل افندى الخلوتي في مراكب أخرى ليتوجهوا إليه أيضا لجريان الصلح فلما توسطوا البحر ووافق رجوع الأولين ضربوا عليهم بالمدافع فكادت تغرق بهم السفن ورجعوا وهم لا يصدقون بالنجاة. فلما رأى ذلك إبراهيم بك ونظر امتناعه.