القلزم وسافر إلى اليمن وطلع إلى صنعاء ثم عاد إلى كوكبان وكان إمامها إذ ذاك العلامة السيد إبراهيم بن أحمد الحسيني وانتظم حاله وراج أمره وشاع ذكره وتلقن منه الطريقة جماعة من أهل زبيد واستمال بحسن مذاكرته ومداراته طائغة من الزيدية ببلدة تسمى زمرمر. وهي بلدة باليمن بالجبال وهم لا يعرفون الذكر ولا يقولون بطرق الصوفية فلم يزل بهم حتى أحبوه وأقام حلقة الذكر عندهم وأكرموه ثم رجع من هناك إلى جدة وركب من القلزم إلى السويس. ووصل مصر سنة أربع وتسعين فنزل بالجمالية فذهبت إليه بصحبته شيخنا السيد مرتضى وسلمنا عليه وكنت أسمع به ولم أره قبل ذلك اليوم فرأيت منه كمال المودة وحسن المعاشرة وتمام المروءة وطيب المفاكهة وسمعت منه أخبار رحلته الاخيرة وترددنا عليه وتردد علينا كثيرا وكان ينزل في بعض الأحيان إلى بولاق ويقيم أياما بزاوية علي بك يصحبة العلامة الشيخ مصطفى الصاوى والشيخ بدوى الهيتمي وحضر إلى منزلي ببولاق مرارا باستدعاء وبدون استدعاء ثم تزوج بمصر وأتى إليه ولده السيد مصطفى من البلاد زائرا وما زال على حاله في عبادة وحسن توجه إلى الله مع طيب معاشرة وملازمة الاذكار صحبة العلماء الاخيار حتى تمرض بعلة الأستسقاء مدة حتى توفي ليلة الثلاثاء غرة جمادى الأولى من السنة وصلي عليه بالأزهر ودفن بالقرافة بين يدى شيخه الحفني. وكان ابنه غائبا فحضر بعد مدة من موته فلم يحصل من ميراثه إلا شيئا نزرا وذهب ما جمعه في سفر الله حيث ذهب.
ومات الوجيه النبيل والجيلي الأصيل السيد حسين باشيجاويش الأشراف بن إبراهيم كتخدا تفكجيان بن مصطفى افندى الخطاط كان إنسانا حسنا جامعا للفضائل واللطف والمزايا واقتنى كتبا كثيرة في الفنون وخصوصا في التاريخ وكان مألوف الطباع ودودا شريف النفس.