علي زنفل الأحمدى ولما ورد مصر اجتمع بالسيد مصطفى البكرى فلقنه طريقة الخلوتية وانضوى إلى الشيخ شمس الدين محمد الحفني فقصر نظره عليه واستقام به عهده فأحياه ونور قلبه واستفاض منه فلم يكن ينتسب في التصوف إلا إليه. وحصل جملة من الفنون الغريبة كالزايرجة والأوفاق على عدة من الرجال وكان ينزل وفق المائة في المائة وهو المعروف بالمئيني ويتنافس الأمراء والملوك لاخذه منه وأحدث فيه طرقا غريبة غير ما ذكره أهل الفن وقد قرأ القرآن مدة وانتفع به الطلبة وقرأ الحديث. وكان سنده عاليا فتنبه بعض الطلبة في الأواخر فأكثروا الأخذ عنه. وكان صعبا في الاجازة لا يجيز أحدا إلا إذا قرأ عليه الكتاب الذى يطلب الاجازة فيه بثمامه ولا يرى الاجازة المطلقة ولا المراسلة حتى أن جماعة من أهالي البلاد البعيدة أرسلوا يطلبون منه الاجازة فلم يرض بذلك وهذه الطريقة في مثل هذه الأزمان عسرة جدا. وفي أواخره انتهى إليه الشأن وأشير إليه بالبنان وذهبت شهرته في الآفاق وأتته الهدايا من الروم والشام والعراق وكف بصره وانقطع إلى الذكر والتدريس في منزله بالقرب من قننطرة لموسكى داخل العطفة بسويقة الصاحب ولازم الصوم نحو ستين عاما ووفدت عليه الناس من كل جهة وعمر حتى الحق الاحفاد بالاجداد واجاز وخلف وربما كتب الاجازات نظما على هيئة اجازات الصوفية لتلامذتهم في الطريق ولم يزل يبدى ويعيد ويعقد حلق الذكر ويفيد إلى أن وافاه الأجل المحتوم في هذه السنة وجهز وكفن وصلي عليه بالأزهر في مشهد حافل وأعيد إلى الزاوية الملاصقة لمنزله وكثر عليه الأسف.
ومات الشيخ الإمام الفاضل الصالح علي بن علي بن علي بن علي ابن مطاوع العزيزى الشافعي الأزهرى أدرك الطبقة الأولى من المشايخ كالشيخ مصطفى العزيزى والشيخ محمد السحيمي والدفرى والملوى.