بعد أن غرق فيها عدة مراكب ومراسي حديد وأخشاب أخذوها من أربابها من غير ثمن وفرد على البلاد الأموال وقبض أكثرها وذهب ذلك جميعه من غير فائدة. ثم أن الأمراء عملوا جمعيات وديوانا ببيت إبراهيم بك وتشاوروا في تنجيز الأوامر. وفي أثناء ذلك تشحطت الغلال وارتفع القمح من السواحل والعرصات وغلا سعره وقل وجوده حتى امتنع بيع الخبز من الأسواق واغلقت الطواجين. فنزل سليم اغا وهجم المخازن واخرج الغلال وضرب القماحين والمتسببين ومنعهم من زيادة الأسعار فظهر القمح والخبز بالاسواق وراق الحال وسكنت الاقاويل.
وفي هذا الشهر أعني شهر رجب حصلت عدة حريقات منها حريقتان في ليلة واحدة. احداهما بالازبكية واخرى بخطتنا بالصنادقية. وظهرت النار من دكان رجل صناديقي وهي مشحونة بالاخشاب والصناديق المدهونة عند خان الجلاية فرعت النار في الاخشاب ووجت في ساعة واحدة وتعلقت بشبابيك الدور وذلك بعد حصة من الليل وهاج الناس والسكان وأسرعوا بالهدم وصب المياه وأحضر الوالي القصارين حتى طفئت. وفيه أيضا من الحوادث المستهجنة أن امرأة تعلقت برجل من المجاذيب يقال له: الشيخ علي البكرى مشهور ومعتقد عند العوام وهو رجل طويل حليق اللحية يمشي عريانا واحيانا يلبس قميصا وطاقية. ويمشي حافيا فصارت هذه المرأة تمشي خلفه أينما توجه وهي بازارها وتخلط في ألفاظها وتدخل معه إلى البيوت وتطلع الحريمات واعتقدها النساء وهادوها بالدراهم والملابس وأشاعوا أن الشيخ لحظها وجذبها وصارت من الأولياء ثم ارتقت في درجات الجذب وثقلت عليها الشربة فكشفت وجهها ولبست ملابس كالرجال ولازمته أينما توجه ويتبعهما الأطفال والصغار وهوام العوام ومنهم من اقتدى بهما أيضا ونزع ثيابه وتخجل في مشيه وقالوا أنه اعترض على الشيخ والمرأة فجذبه الشيخ أيضا.