وفي ليلة الثلاثاء حضرت مراكب من مراكب الغائبين وفيها مماليك ومجاريح واجناد واخبروا بكسرة مراد بك ومن معه وأصبح الخبر شائعا في المدينة وثبت ذلك ورجعت المراكب بما فيها واخبروا عما وقع وهو أنه لما وصل مراد بك إلى الرحمانية عدى سليمان بك الأغا وعثمان بك الشرقاوى والالفي إلى البر الشرقي فحصل بينهم اختلاف وغضب بعضهم ورجع القهقرى فكان ذلك أول الفشل. ثم تقدموا إلى محلة العلويين فأخلوا منها الأورام فدخلوا إليها وملكوها وأرسلوا إلى مراد بك يطلبون منه الامداد فأمر بعض الأمراء بالتعدية إليهم فامتنعوا وقالوا نحن لا نفارقك ونموت تحت اقدامك فحنق منهم وأرسل عوضهم جماعة من العرب ثم ركبوا وقصدوا أن يتقدموا إلى فوة فوجدوا إمامهم طائفة من العسكر ناصبين متاريس فلم يمكنهم التقدم لوعر الطريق وضيق الجسر وكثرة القنى ومزارع الارز فتراموا بالبنادق فرمح سليمان بك فعثر بقناة وسقط فحصلت فيهم ضجة وظنوها كسرة فرجعوا القهقرى ودخل الرعب في قلوبهم ورجعت عليهم العرب ينهبونهم. فعدوا إلى البر الآخر وكان مراد بك مستقرا في مكان توصل إليه من طريق ضيقة لاتسع إلا الفارس بمفرده فاشاروا عليه بالانتقال من ذلك المكان وداخلهم الخوف وتخيلوا تخيلات. وما زالوا في نقض وابرام إلى الليل ثم أمر بالاتحال فحملوا حملاتهم ورجعوا القهقرى وما زالوا في سيرهم وأشيع فيهم الانهزام وتطايرت الأخبار بالكسرة وتيقن الناس أن هذا أمر الهي ليس بفعل فاعل.
وفي ذلك اليوم حصلت كرشة من ناحية الصاغة وسببها عبد مملوك أراد الركوب على حمار بعض المكارية فازدحموا عليه الحمارة ورمحوا خلفه فصارت كرشة ورمحت الصغار فاغلقوا الدكاكين بالاشرفية.