وفي ذلك اليوم بعد أذان العصر بساعتين وقعت حادثة مهولة مزعجة يخط البندقانيين وذلك أن رجلا عطارا يسمى أحمد ميلاد وحانوته تجاه خان البهار اشترى جانب بارود انكليزي من الفرنج في برميلين وبطة ووضعها في داخل الحانوت فحضر إليه جماعة من أهل الينبع وساوموه على جانب بارود وطلبوا منه شيئا اليروه ويجربوه فأحضر البطة وصب منها شيئا في المنقد الذي يعد فيه الدراهم ووضعوه على قطعة كاغد وأحضروا قطعة يدك وطيروا ذلك البارود عن الكاغد فأعجبهم ومن خصوصية البارود الانكليزي إذا وضع منه شيء على كاغد وطير فالنار لا تؤثر في الكاغد ثم رموا بالقطعة اليدك على مصطبة الحانوت وشرع يزن لهم وهم يضعونه في ظرفهم ويتساقط فيما بين ذلك من حباته وانتشر بعضها إلى ناحية اليدك وهم لا يشعرون فاشتعلت تلك الحبات واتصلت بما في أيديهم وبالبطة ففرقعت مثل المدفع العظيم واتصلت النار بذينك البرميلين كذلك فارتفع عقد الحانوت وما جاوره بما على تلك العقود من الأبنية والبيوت والربع والطباق في الهواء والتهبت بأجمعها نارا وسقطت بمن فيها من السكان على من كان أسفلها من الناس الواقفين والمارين وصارت كوما يظن من لم يكن رآه قبل ذلك أنه له مائة عام وذلك كله في طرفة عين بحيث أن الواقف في ذلك السوق أو المار لم يمكنه الفرار والبعيد أصيب في بعض أعضائه أما من النار أو الردم وكان السوق في ذلك الوقت مزدحما بالناس خصوصا وعصرية رمضان وذلك السوق مشتمل على غالب حوائج الناس وبه حوانيت العطارين والزياتين والقبانية والصيارف وبياعي الكنافة والقطائف والبطيخ والعبدلاوي ودكاكين المزينين والقهاوي وغالب جيران تلك الجهة وسكان السبع قاعات وشمس الدولة يأتون في تلك الحصة ويجلسون على الحوانيت لأجل التسلي والحاصل أن كل من كان حاصلا بتلك البقعة في ذلك الوقت سواء كان عاليا أو متسفلا أو مارا أو واقفا لحاجة أو جالسا أصيب البتة وكان ذلك