وفي رابع عشر شوال كانت واقعة المغاربة من أهل تونس وفاس وذلك أن من عادتهم أن يحملوا كسوة الكعبة التي تحمل كل سنة للبيت الحرام ويمرون بها في وسط القاهرة وتحمل المغاربة جانبا منها للتبرك بها ويضربون كل من رأوه يشرب الدخان في طريق مرورهم. فرأوا رجلا من اتباع مصطفى كتخدا القازدغلي فكسروا انبوبته وتشاجروا معه وشجوا رأسه وكان في مقدمتهم طائفة منهم متسلحون وزاد التشاجر واتسعت القضية وقام عليهم أهل السوق. وحضر اوده باشة البوابة فقبض على أكثرهم ووضعهم في الحديد وطلع بهم إلى الباشا واخبروه بالقضية فأمر بسجنهم بالعرقانة. فاستمروا حتى سافر الحج من مصر ومات منهم جماعة في السجن ثم افرج عن باقيهم.
ثم تولى قره محمد باشا وحضر إلى مصر منتصف ربيع الثاني سنة أحدى عشرة ومائة وألف وهو كتخدا إسمعيل باشا المتقدم ذكره. وفي أيامه سنة أربع عشرة حصلت حادثة الفضة المقصوصة والتسعيرة وسيأتي الخبر ذلك في ترجمة علي اغا مستحفظان.
وفي سنة خمس عشرة وردت الأخبار بوفاة السلطان مصطفى وجلوس السلطان أحمد بن محمد خان في سابع عشر ربيع الآخر منها وأمر الباشا بقطع سقائف الدكاكين لاجل توسعة الطرق والاسواق ففعل ذلك ثم أمر بقطع الأرض وتمهيدها فحفروا نحو ذراع أو أكثر من الأسواق ففعل ذلك. ثم أمر بقطع الأرض إلى أن كشفت الجدران. ومكث محمد باشا واليا بمصر خمس سنوات إلى أن عزل في شهر رجب سنة ست عشرة ومائة وألف. ومن مآثره تعمير الأربعين الذي بجوار باب قراميدان وانشأ فيه جامعا بخطبة وتكية لفقراء الخلوتية من الأروام وأسكنهم بها وانشأ تجاهها مطبخا ودار ضيافة للفقراء وفي علوها مكتبا للأطفال يقرأون فيه القرآن ورتب لهم ما يكفيهم. وأنشأ فيما بينها وبين البستان المعروف بالغوري حماما فسيحا مفروشا بالرخام الملون وجدد بستان الغوري.