عن اسمه ولقبه وبلده وخطته وصناعته وأولاده وحفظ ذلك أو كتبه ويستخبر من هذا عن ذاك بلطف ورقة فإذا ورد عليه قادم من قابل سأله عن اسمه وبلده فيقول له فلان من بلدة كذا فلا يخلو ما أن يكون عرفه من غيره سابقا أو عرف جاره أو قريبه فيقول له فلان طبيب فيقول نعم سيدي ثم يسأله عن اخيه فلان وولده فلان وزوجته وابنته ويشير له باسم حارته وداره وما جاورها فيقوم ذلك المغربي ويقعد ويقبل الأرض تارة ويسجد تارة ويعتقد أن ذلك من باب الكشف الصريح فتراهم في أيام طلوع الحج ونزوله مزدحمين على بابه من الصباح إلى الغروب وكل من دخل منهم قدم بين يدي نجواه شيئا ما فضة أو تمرا أو شمعا على قدر فقره وغناه وبعضهم يأتيه بمراسلات وصلات من أهل بلاده وعلمائها وأعيانها ويلتمسون منه الاجوبة فمن ظفر منم بقطعة ورقة ولو بمقدار الأنملة فكأنما ظفر بحسن الخاتمة وحفظها معه كالتميمة ويرى أنه قد قبل حجه والا فقد باء بالخيبة والندامة وتوجه عليه اللوم من أهل بلاده ودامت حسرته إلى يوم ميعاده وقس على ذلك ما لم يقل وشرع في شرح كتاب إحياء العلوم للغزالي وبيض منه اجزاء وأرسل منها إلى الروم والشام والغرب ليشتهر مثل شرح القاموس ويرغب في طلبه واستنساخه وماتت زوجته في سنة ست وتسعين فحزن عليها حزنا كثيرا ودفنها عند المشهد المعروف بمشهد السيدة رقية وعمل على قبرها مقاما ومقصورا وستورا وفرشا وقناديل ولازم قبرها أياما كثيرة وتجتمع عنده الناس والقراء والمنشدون ويعمل لهم الأطعمة والثريد والكسكسو والقهوة والشربات واشترى مكانا بجوار المقبرة المذكورة وعمره بيتا صغيرا وفرشه واسكن به امها ويبيت به احيانا وقصده الشعراء بالمراثي فيقبل منهم ذلك ويجيزهم عليه.
ثم تزوج بعدها بأخرى وهي التي مات عنها واحرزت ما جمعه من مال وغيره ولما بلغ ما لا مزيد عليه من الشهرة وبعد الصيت وعظم القدر والجاه عند الخاص والعام وكثرت عليه الوفود من سائر الاقطار وأقبلت عليه