واستولى على حواصله وبضائعه وامواله ونما أمره من حينئذ وأخذ واعطى ووهب وصانع الأمراء واصحاب الحل والعقد حتى وصل إلى ما وصل إليه وادرك ما لم يدركه غيره فيما سمعنا وراينا كما قيل:
وإذا السعادة لاحظتك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان
ومات الأمير الكبير إسمعيل بك وأصله من مماليك إبراهيم كتخدا وانضوى إلى علي بك بلوط قبان فجعله اشراقه وأقره ونوه بشأنه وقلده الصنجقية بعد موت سيدهم وزوجه بهانم ابنة إبراهيم كتخدا وعمل لهما مهما عظيما ببركة الفيل شهرا كاملا في سنة أربع وسبعين كما تقدم ذكر ذلك وكان من المهمات الجسيمة والمواسم العظيمة التي لم يتفق نظيرها بعده بمصر ولم يزل منظورا إليه في الأمارة مدة علي بك وأرسله في سرياته واعتمده في مهماته وبعثه إلى سويلم بن حبيب بتجريدة فلم يزل يحاربه حتى هزمه وفر إلى البحيرة فلحقه هناك ولم يزل يتبعه ويرصده حتى قتله وحضر برأسه إلى مخدومه وذلك في أواخر سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف.
وسافر إلى الشام صحبة محمد بك أبي الذهب لمقاتلة عثمان باشا ابن العظم وأغاروا على البلاد الشامية وحاربوا يافا أربعة اشهر حتى ملكوها وسافر قبل ذلك في تجاويد الصعيد وحضر غالب مواقف الحروب مع محمد بك ومستقلا إلى أن بدت الوحشة بين محمد بك وسيده علي بك وخرج مع محمد بك إلى الصعيد وجرى بينهما الدم بقتله أيوب بك فأخرج إليه علي بك جردة عظيمة احتفل بها احتفالا زائدا وأميرها المترجم فلما التقى الجمعان القى عصاه وخامر على مولاه وانضم بمن معه إلى محمد بك فشد عضده وخان مخدومه وحصل ما حصل من تقلبهم واستيلائهم كما ذكر واستمر مع محمد بك يراعي حرمته ويقدمه على نفسه ولا يبرم أمرا إلا بعد مشاورته ومراجعته وتقلد الدفتردارية وأميرا على الحج سنتين بشهامة وسير حسن ولما مات محمد بك لم تطمح نفسه للتصدر