البحر الشرقي ونضوب مائه وظهرت بالنيل كيمان رمل هايلة من حد المقياس إلى البحر المالح وصار البحر الغربي سلسلول جدول تخوضه الأولاد الصغار ولا يمر به إلا صغار القوارب وانقطع الجالب من جميع النواحي إلا ما تحمله المراكب الصغار باضعاف الاجرة وتعطلت دواوين المكوس فأرسلوا إلى سد الترعة رجلا مسلماني وصحبته جماعة من الافرنج وأحضروا الاخشاب العظيمة ورتبوا عمل السد قريبا من كفر الخضرة وركبوا آلات في المراكب ودقوا ثلاث صفوف خوابير من أخشاب طوال فلما أتموا ذلك كانت الصناع فرغت من تطبيق الواح في غاية الثخن شبه البوابات العظام وهي مسمرة بمسامير عظيمة ملحومة بالرصاص وصفائح الحديد مثقوبة بثقوب مقاسة علىما يوازيها من نجوش منجوشة بالخوابير المركوزة في الماء فإذا نزلوا ببوابة آلحموها بتلك الخوابير وتبعتهم الرجال بالجوابي المملوأة بالحصا والرمل من إمام ومن خلف وتبع ذلك الرجال الكثيرة بغلقان الأتربة والطين ففعلوا ذلك حتى قارب التمام ولم يبق إلا اليسير ثم حصل الفتور في العمل بسبب أن المباشر على ذلك أرسل لمراد بك بالحضور ليكون اتمامها بحضرته ويخلع عليه ويعطيه ما وعده به من الانعام فلم يحضر مراد بك وغلبهم الماء وتلف جانب من العمل وكان أيوب بك الصغير حاضرا وفي نفسه أن لا يتم ذلك لأجل بلاده فأصبح مرتحلا وتركوا العمل وانفض الجمع وقد أقام العمل في ذلك من أوائل شعبان إلى اواسط شوال ثم نزل إليها جماعة آخرون وطبوا جملة مراكب موسوقة بالاحجار وشرعوا في عمل سد المكان القديم عن فم الترعة ودقوا أيضا خوابير كثيرة وألقوا احجارا عظيمة وفرغت الاحجار فأرسلوا بطلب غيرها فلم تسعفهم القطاعون فشرعوا في هدم الأبنية القديمة والجوامع التي بساحل النيل وقلعوا احجار الطواحين التي بالبلاد القريبة من العمل واستمروا على ذلك حتى قويت الزيادة ولم يتم العمل ورجعوا كالاول وذهب في ذلك من الأموال والغرامات والسخرات وتلف من المراكب