بين أولاده اجتمع الخاصة والعامة على رأى المترجم فاختار المولى سليمان وبايعه على الأمر بشرط السير على الخلافة الشرعية والسنن المحمدية وبايعه الكافة بعده على ذلك وعلى نصره الدين وترك البدع والمظالم والمكوس والمحارم وكان كذلك ولم يزل المترجم على طريقته الحميدة حتى توفي في هذه السنة وتوفي بعده ابنه سيدي أبو بكر في سنة عشر ومائتين وألف.
ومات الإمام العلامة والوجيه الفهامة الشيخ أحمد بن محمد بن جاد الله ابن محمد الخناني المالكي البرهاني وجده الاخير يعرف بأبي شوشة وله مقام بزار بام خنان بالجيزة نشأ في طلب العلم وحضر أشياخ الوقت ولازم السيد البليدي وصار معيدا لدروسه بالأزهر والاشرفية وانتفع بملازمته له انتفاعا كليا وانتسب إليه وأجازه إجازة مطولة بخطه ونوه بشأنه فلما توفي شيخه المذكور تصدر لإقراء الحديث مكانه بالمشهد الحسيني واجتمع عليه الناس وحضره من كان ملازما لحضور شيخه من تجار المغاربة وغيرهم واعتقدوا صلاحه وتحبب إليهم وواسوه بالصلاة والزكوات النذور وواظب الاقراء بالأزهر أيضا وزيارة مشاهد الأولياء واحياء لياليها بقراءة القرآن والذكر ويقوم دائما من الثلث الأخير من الليل ويذهب إلى المشهد الحسيني ويصلي الصبح بغلس في جماعة وزاد اعتقاد الناس فيه واتسعت دنياه مع المداومة على استجلابها وامسكاها وبآخرة اشترى دارا عظيمة بحارة كنامة المعروفة الآن بالعينية بالقرب من الأزهر وانتقل إليها وسكنها وكان يخرج لزيارة قبور المجاورين في كل يوم جمعة قبل الشمس فنزل العرب في بعض الجمع إلى بين الكيمان فأراد الهروب وكان جسيما فسقط من على بغلته على خربته فانكسر زره وحمل إلى داره وعالج نفسه شهورا حتى عوفي قليلا ولم يزل تعاوده الأمراض حتى توفي رحمه الله وما رأيته قط إلا وهو يتلو قرآنا أو يطالع كتابا سامحه الله تعالى