بالجوع طاويا من غير أكل بالازقة في الشتا والصيف وقيد به من يخدمه ويراعيه في منامه ويقظته وقضاء حاجته ولا يزال يحدث نفسه ويخلط في الفاظه وكلامه وتارة يضحك وتارة يشتم ولا بد من مصادفة بعض الألفاظ لما في نفس بعض الزائرين وذوي الحاجات فيعدون ذلك كشفا واطلاعا على ما في نفوسهم وخطرات قلوبهم ويحتمل أن يكون كذلك فإنه كان من البله المجاذيب المستغرقين في شهود حالهم وسبب نسبتهم هذه أنهم كانوا يسكنون بسويقة البكري لا أنهم من البكرية ولم يزل هذه حالة حتى توفي في هذه السنة واجتمع الناس لمشهده من كل ناحية ودفنوه بمسجد الشرايبي بالقرب من جامع الرويعي في قطعة من المسجد وعملوا على قبره مقصورة ومقاما يقصد للزيارة واجتمع عند مدفنه في ليال وميعادات قراء ومنشدون وازدحم عند أصناف الخلائق ويختلط النساء بالرجال ومات أخوه أيضا بعده بنحو سنتين.
ومات الوجيه المكرم والنبيه المفخم مصطفى بن صادق أفندي اللازجي الحنفي ولد سنة ١١٧٤ ونشأ في حجر والده وحفظ القرآن وبعض المتون في صغره وحفظ في صغره وحفظ البرجلي والشاهدي ومهر في اللغة التركية وتفقه على ابيه وقرأ عليه علم الصرف وحضر على بعض الأشياخ ولازم الشيخ محمد الفرماوي وأخذ عنه النحو وقرأ عليه مختصر السعد وغيره برواق الجيرت بالأزهر ثم تصدر للإفادة والمطالعة لطلبة الأتراك المجاورين برواق الأورام ولبس له تاجا وفراجة وعمل له مجلس وعظ على كرسي بالجامع المؤيدي وذلك قبل نبات لحيته وكان وسيما جسيما بهي الطلعة أبيض اللون رابي البدن فاجتمع لسماع وعظه ومشاهدة ذاته كثير من الناس من ابناء العرب والأتراك والأمراء والأجناد فيقرر لهم بالعربي والتركي بفصاحة وطلاقة لسان وممن كان يحضره علي أغا مستحفظان وهام فيه وأحبه وصار يتردد إليه كثيرا ويذهب هو أيضا إلى داره كثيرا وكان والده متوليا على وقف اسكند ومشيخة التكية بباب الخرق فكان