عدة وافرة من آلات الحرب والجبخانة فأمر بحرقه أيضا فصعد لهيب النار من جهة الجيزة بولاق ظنوا بل أيقنوا أنهم أحرقوا البلدين فماجوا واضطربوا زيادة عما هم فيه من الفزع والروع والجزع وخرج أعيان الناس وأفندية الوجاقات وأكابرهم ونقيب الأشراف وبعض المشايخ القادرين فلما عاين العامة والرعية ذلك اشتد ضجرهم وخوفهم وتحركت عزائمهم للهروب واللحاق بهم والحال أن الجميع لا يدرون أي جهة يسلكون وأي طريق يذهبون وأي محل يستقرون فتلاحقوا وتسابقوا وخرجوا من كل حدب ينسلون وبيع الحمار الأعرج أو البغل الضعيف باضعاف ثمنه وخرج أكثرهم ماشيا أو حامل متاعه على رأسه وزوجته حاملة طفلها ومن قدر عل مركوب أركب زوجته أو ابنته ومشى هو على اقدامه وخرج غالب النساء ماشيات حاسرات وأطفالهم على اكتافهن يبكين في ظلمة الليل واستمروا على ذلك بطول ليلة الأحد وصبحها وأخذ كل إنسان ما قدر على حمله من مال ومتاع فلما خرجوا من أبواب البلد وتوسطوا الفلاة تلقتهم العربان والفلاحون فأخذوا متاعهم ولباسهم وأحمالهم بحيث لم يتركوا لمن صادفوه ما يستر به عورته أو يسد جوعته فكان ما أخذته العرب شيئا كثيرا يفوق الحصر بحيث أن الأموال والذخائر التي خرجت من مصر في تلك الليلة أضعاف ما بقي فيها بلا شك لأن معظم الأموال عند الأمراء والأعيان وحريمهم وقد أخذوه صحبتهم وغالب مساتير الناس واصحاب المقدرة أخرجوا أيضا ما عندهم والذي أقعده العجز وكان عنده ما يعز عليه من مال أو مصاغ أعطاه لجاره أو صديقه الراحل ومثل ذلك أمانات وودائع الحجاج من المغاربة والمسافرين فذهب ذلك جميعه وربما قتلوا من قدروا عليه أو دافع عن نفسه ومتاعه وسلبوا ثياب النساء وفضحوهن وهتكوهن وفيهم الخوندات والأعيان فمنهم من رجع من قريب وهم الذين تأخروا في الخروج وبلغهم ما حصل للسابقين ومنهم من جازف متكلا عل كثرته