اعلم أن سبب هلاك الملوك اطراح ذوي الفضائل واصطناع ذوي الرذائل والاستفاف بعظة الناصح والاغتزار بتزكية المادح من نظر في العواقب سلم من النوائب وزوال الدول اصطناع السفل ومن استغنى بعقله ضل ومن أكتفى برأيه زل ومن استشار ذوي الألباب سلك سبيل الصواب ومن استعان بذوي العقول فاز بدرك المامول من عدل في سلطانه استغنى عن اعوانه عدل السلطان انفع للرعية من خصب الزمان الملك يبقى على الكفر والعدل ولا يبقى على الجور والإيمان ويقال حق على من ملكه الله على عباده وحكمه في بلاده أن يكون لنفسه مالكا وللهوى تاركا وللغيظ كاظما وللظلم هاضما وللعدل في حالتي الرضي والغضب مظهرا وللحق في السر والعلانية مؤثرا وإذا كان كذلك الزم النفوس طاعته والقلوب محبته واشرق بنور عدله زمانه وكثر على عدوه أنصاره وأعوانه. ولقد صدق من قال:
يا ايها الملك الذي
... بصلاحه صلح الجميع
أنت الزمان فإن عدلت
... فكله أبدا ربيع
وقال عمرو بن العاص ملك عادل خير من مطر وابل من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه.