فقالوا: وأين الفراش فبعثوا لاحضاره وسألوها فانكرت ذلك بالمرة فانتظروا حضور الفراش إلى بعد الغروب فلم يحضر فقال لهم المشايخ دعوها تذهب إلى بيتها وفي غد تأتي وتحقق هذه القضية فقال دبوى نونو ومعناه بلغتهم النفي أي لا تذهب فقالوا له: دعها تذهب هي ونحن نبيت عوضا عنها فلم يرض أيضا وعالجوا في ذلك بقدر طاقتهم فلما أيسوا تركوها ومضوا فباتت عندها في ناحية من البيت وصحبتها جماعة من النساء المسلمات والنساء الافرنجيات فلما أصبح النهار ركب المشايخ إلى كتخدا الباشا والقاضي فركبا معا وذهبا إلى بيت صاري عسكر الكبير فاحضرها وسلمها إلى القاضي ولم يثبت عليها شيء من هذه الدعوة وقرروا عليها ثلاثة آلاف ريال فرانسة وذهبت إلى بيت لها مجاور لبيت القاضي وأقامت فيه لتكون في حمايته.
وفي يوم الخميس نادوا في الأسواق بأن كل من كان عنده بغلة يدهب بها إلى بيت قائمقام ببركة الفيل ويأخذ ثمنها وإذا لم يحضرها بنفسه تؤخذ منه قهرا ويدفع ثلثمائة ريال فرانسا وكان أحضرها باختياره يأخذ في ثمنها خمسين ريالا قلت قيمتها أو كثرت فغنم صاحب الخسيس وخسر صاحب النفيس ثم ترك ذلك وفيه نادوا بوقود قناديل سهارى بالطرق والأسواق وأن يكون على كل دار قنديل وعلى كل ثلاثة دكاكين قنديل وأن يلازموا الكنس والرش وتنظيف الطرق من العفوشات والقاذورات.
وفيه نادوا على الاغراب من المغاربة وغيرهم والخدامين والبطالين ليسافروا إلى بلادهم وكل من وجد بعد ثلاثة أيام يستأهل الذي يجري عليه وكرروا المناداة بذلك وأجلوهم بعدها أربعة وعشرين ساعة فذهبت جماعة من المغاربة إلى صارى عسكر وقالوا له: أرنا طريقا للذهاب فإن طريق البرغير مسلوكة والانكليز واقفون بطريق البحر يمنعون المسافرين ولا نقدر على المقام في الأسكندرية من الغلاء وعدم الماء بها فتركهم