إذا نظرت تفسير الرازي والبيضاوي وأبي السعود تعلم حقيقة هذا الكلام.
ومنها ما اشتمل على قصص بني إسرائيل وأكاذيبهم وأقوالهم التي تحيلها العقول وتنفر عنها الطباع، ومنها تفاسير لا يدل عليها نقل ولا عقل ولا لغة من اللغات، كالتفسير الشهير بأنه من باب الإشارة، ومنها مما لا يحيط به العد والإحصاء.
وقد تكلم على التفسير كلام منصف واقف على الحقيقة العلامة السيد محمد بدر الدين الحلبي- فسح الله تعالى في مدته وبارك في حياته- في كتاب (التعليم والإرشاد) فقال- سلمه الله تعالى بعد أن تكلم على علم التفسير وأن أهل العلم لم يعطوه حقه-: "والذي ينظر فيما طبع من نحو قرن في مصر- وهي محط رحال العلوم الدينية وكعبة العلوم التي يَفِدُ إليها الحجاج من جميع الآفاق، والقدوة لكافة أهل الأمصار؛ يرى العجب العجاب، يرى أن الذي طبع منها إلى الآن "تفسير الخازن"، "تفسير الجلالين" بحاشية الصاوي وبحاشية الجمل، "البيضاوي" بحاشية الشهاب بقطعة من حاشية السيد، "تفسير فخر الدين الرازي"، "تفسير أبي السعود"، "تفسير النسفي"، "تاج التفاسير"، ابن جرير الطبري، "الدر المنثور" للسيوطي، تفسير ابن عباس، وبعض تفاسير ضئيلة، هذه هي كتب التفاسير التي تتداولها أيدي الناس اليوم، وهي التي يعتمد عليها طلاب العلوم الشرعية في تفسير كتاب الله جل شأنه، والوقوف على مراده منه.
فأما تفسير الخازن؛ وهو أكثر كتب التفاسير تداولاً، وأعظمها انتشاراً بين عامة المسلمين وطلبة العلوم الشرعية، فهو الكتاب الذي يقف القلم حائراً عند وصفه، لا يدري ما يقول فيه، وما الذي يحذر به المسلمين منه، وخير ما يقال فيه إنه مجموعة الأكاذيب، ولا أرى إلا أن الإنسان لو جرد ما فيه من الأكاذيب الموضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأقاصيص الكاذبة التي وضعها اليهود -كقصة بابل والغرانيق وإرم ذات العماد وغيرها- لكانت فوق نصف الكتاب، وبعد ذلك فأشياء إن لم تضر لم تنفع.