للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ترجمة هذا الفاضل"١

قد أفردت له ترجمة في كتاب "بدائع الإنشاء فيما جرى من المكاتبة بيني وبين المعاصرين من الأدباء"٢ وذكرت له فيها كثيراً من شعره الفصيح، وكلامه البليغ الرجيح، وها أنا أذكر ملخص ذلك في هذا المقام، والله ولي التوفيق والإنعام، فمن ذلك أني قلت: هو أحمد بك بن عبد الحميد بك بن سليمان بك، وينتهي نسبه إلى تُبع الأكبر أحد من كان في اليمن من تبابعة حِمْيَر، وهو من سلالة قوم من الأخيار، وأناس سموا لعلو هممهم إلى أوج الفخار.

هم القوم يروون المكارم عن أب ... وجد عريق سيداً بعد سيد

تسودهم نفس هناك أبية ... فكانوا إذا ما بين نسر وفرقد

وهزتهم يوم الندى أريحية ... كأن شربوا من كأس صهباء صرخد

تطربهم سجع الصوارم والقنا ... بيوم الوغى لا ما ترى أم معبد

إذا وعدوا الطاغين بالبأس أرهبوا ... وإن أحسنوا الحسنى فعن غير موعد

كرام إذا استمطرت وبل أكفهم ... أراقته وبلاً من لجين وعسجد

يقال لمن يروي أحاديث فضلهم ... أعد واستعد ذكر الكرام وردد

ولد زحمه الله تعالى سنة أربع وأربعين ومائتين وألف من هجرة من لم تبلغ كعب علاه بردة كل مدح ووصف، وقد ذكر لي ذلك عند سؤالي له عما هنالك، ولم يزل يحتسي در الفضائل، ويشتغل على علماء عصره الأماثل، حتى أزهر به روض الأدب بعد يبسه، وأقمر به فلك الفضل بعد أفول شمسه، وأثمرت به أغصان دوحة حديقة العرفان، وأبهرت أنوار حقائق دقائق النطق والبيان، وشدت به أبكار الأفكار نطاقها، ومدت عليه أسرار أنظار خرائد المعاني رواقها، يروي من الحديث أتقنه، ومن الشعر أرصنه، ومن كل علم أحسنه، ومن كل أدب أزينه،


١ ترجم له المصنف في "المسك الأذفر في نثر مزايا القرن الثاني عشر والثالث عشر" (ص ٢١٩-٢٢٤)
٢ ولا يزال هذا الكتاب مخطوطاً فيما أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>