قالوا لما كان سنة ست وعشرين وسبعمائة وقع الكلام في مسألة شد الرحال وإعمال المطي إلى قبور الأنبياء والصالحين، وكثر القيل والقال بسبب العثور على جواب الشيخ الآتي، وعظم التشنيع على الشيخ، وحرف عليه ونقل عنه ما لم يقله، وحصلت فتنة طار شررها في الآفاق، واشتد الأمر وخيف على الشيخ من كيد القائمين في هذه القضية، بالديار الشامية والمصرية، وضعف من أصحاب الشيخ من كان عنده قوة، وجبن منهم من كانت له همة.
وأما الشيخ رحمه الله فكان ثابت الجأش، قوي القلب، وظهر صدق توكله واعتماده على ربه، ولقد اجتمع جماعة معروفون بدمشق وضربوا مشورة في حق الشيخ، فقال أحدهم ينفى فنفي القائل، وقال آخر يقطع لسانه فقطع لسان القائل، وقال آخر يعزر فعزر القائل، وقال آخر يحبس فحبس القائل، أخبر بذلك من حضر هذه المشورة وهو كاره لها.
واجتمع جماعة آخرون بمصر وقاموا في هذه القضية قياماً عظيماً، واجتمعوا بالسلطان وأجمعوا أمرهم على قتل الشيخ، فلم يوافقهم السلطان على ذلك وأرضى خاطرهم بالأمر بحبسه.
فلما كان يوم الاثنين سادس شعبان من السنة المذكورة ورد مرسوم السلطان بأن يكون في القلعة، وأحضر للشيخ مركوب فأظهر السرور بذلك وقال: إني كنت منتظراً ذلك، وهذا فيه خير عظيم. فركب إلى القلعة وأخليت له قاعة حسنة،