قال النبهاني:"القسم الأول من المقدمة: في الكلام على انقطاع الاجتهاد المطلق، الذي تدّعيه -بالباطل- فرقة الوهابية، ومن أعجبه شأنهم من جهلة المبتدعين شذاء المذاهب الإسلامية، وجعلت ذلك رسالة سميتها (السهام الصائبة لأصحاب الدعاوي الكاذبة) . ثم ذكر خطبة هذه الرسالة، إلى أن قال: "فأقول: إن دعوى الاجتهاد في هذا الزمان -منهم ومن غيرهم مطلقاً مهما كان عالماً- هي دعوى كاذبة، لا يلتفت إليها، ولا يعوّل عليها، قال: وقد ذكرتُ في كتابي (حجة الله على العالمين) الرد على من يدّعي الاجتهاد في هذا الزمان، ونقلت عبارات العلماء في ذلك، كالإمام الشعراني، والإمام ابن حجر الهيتمي، والإمام المناوي وغيرهم، بما يقنع كل ذي طبع سليم، وفهم مستقيم. إلى أن قال: أما الاجتهاد فلا يدّعيه اليوم إلا مختل العقل والدين، إلا من طريق الولاية، كما قاله الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي".
ثم نقل ما نقله المناوي في أول شرحه الكبير على الجامع الصغير عن ابن حجر المكي، أنه قال: "لما ادّعى الجلال السيوطي الاجتهاد قام عليه معاصروه ورموه عن قوس واحدة، وكتبوا له سؤالاً فيه مسائل أطلق الأصحاب فيها وجهين، وطلبوا منه إن كان عنده أدنى مراتب الاجتهاد وهو اجتهاد الفتوى فليتكلم على الراجح من تلك الأوجه، وعلى الدليل على قواعد المجتهدين، فرد السؤال من غير كتابة، واعتذر بأن له أشغالاً تمنعه من النظر في ذلك. قال الشهاب: فتأمل صعوبة هذه المرتبة، -أعني اجتهاد الفتوى- الذي هو أدنى مراتب الاجتهاد، ويظهر لك أن مدعيها -فضلاً عن مدّعي الاجتهاد المطلق- في حيرة من أمره، وفساد فكره، وإنه ممن ركب متن عمياء، وخبط خبط عشواء. قال: ومن تصور مرتبة الاجتهاد المطلق استحيى من الله أن ينسبها لأحد من أهل هذه الأزمنة، بل قال ابن الصلاح ومن تبعه: إنها انقطعت من نحو ثلائمائة سنة. ولابن الصلاح نحو الثلاثمائة سنة، أي أنه من أهل القرن السادس، فتكون اليوم قد انقطعت من ستمائة سنة، أي بالنظر إلى عصر ابن حجر وهو من أهل القرن العاشر، فيكون لها