للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن منقطعة نحو ألف سنة، إذ نحن في العام السابع عشر من القرن الرابع عشر، وهو عام تأليفي لكتاب (حجة الله على العالمين) . قال: بل نقل ابن الصلاح عن بعض الأصوليين أنه لم يوجد بعد عصر الشافعي مجتهد مستقل، قال: ثم قال الشهاب ابن حجر: وإذا كان بين الأئمة نزاع طويل في أن إمام الحرمين وحجة الإسلام الغزالي- وناهيك بهما- هل هما من أصحاب الوجوه أو لا، فما ظنك بغيرهما؟ بل قال الأئمة في الرويّاني صاحب البحر أنه لم يكن من أصحاب الوجوه، هذا مع قوله لو ضاعت نصوص الشافعي لأمليتها من صدري، فإذا لم يتأهل الأكابر لمرتبة الاجتهاد المذهبي فكيف يسوغ لمن لم يفهم أكثر عباراتهم على وجهها أن يدّعي ما هو أعلى من ذلك وهو الاجتهاد المطلق؟ سبحانك هذا بهتان عظيم".

ثم نقل جملة من أقوال العلماء تشهد له بأن الاجتهاد قد انقطع، إلى آخر ما هذي به في هذا الباب، مما يدل على جهله وإفلاسه من كل علم، وعلى دعواه الكاذبة، والكلام على ما اشتمل عليه كلامه من الباطل يطول غير أنا نتكلم على مقاصده على سبيل الإجمال دون التفصيل، فأقول:

الكلام على مقالته هذه من وجوه:

الوجه الأول: إن نسبة دعوى الاجتهاد إلى الوهابية -وهم على زعمه من كان موافقاً للشيخ محمد بن عبد الوهاب في الاعتقاد- افتراء وكذب وبهتان عليهم، فإن أهل نجد كلهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه، مقلّدون له في فروع الأحكام، وموافقون له في أصول الدين وعقائده، وقد صرح الشيخ محمد بذلك في كثير من رسائله، وهو لم يدّعِ الاجتهاد، ولا دعا أحداً من الناس إلى تقليده، بل أمر بالمعروف ونهى عن المنكر. فنسبة أهل نجد ومن يتّبع السنن النبوية إلى الشيخ وعدّهم فرقة من فرق المسلمين غير فرقة أهل السنة؛ ظلم وعدوان وزور وبهتان، وأعجب من ذلك أن النسبة إلى الشيخ ينبغي أن تكون المحمدية، وأما عبد الوهاب فهو أبو الشيخ محمد، والموافقة في العقائد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما كان للشيخ نفسه لا لأبيه، فإطلاق الوهّابية على

<<  <  ج: ص:  >  >>