عليهما لأربت على ألف مجلد، وما ذكره صاحب (كشف الظنون) مما كتب عليهما قليل من كثير، ولولا أنهما بحيث يخفيان إلا على من ألف حل الرموز والطلاسم واستخراج المخبآت لم يعتن من جاء بعدهما بالتوسع في الكتابة عليهما، والمبالغة في توضيح غوامضهما، وفوق هذا كله اشتمالهما على مسائل كثيرة خارجة عن التفسير بالمرة، لا ترتبط فيه بوجه من الوجوه، كالمسائل الكلامية التي حشيا بها كتابيهما، وهي ليست من فن التفسير ولا من متعلقاته، وإنما كان الغرض من ذكرها بيان معتقديهما والاستشهاد له بكتاب الله.
ويلحق تفسير أبي السعود بهذين التفسيرين، فإنه صورة أخرى لهما مع بعض تغييرات قليلة جداً، ويلحق تاج التفاسير بتفسير الجلالين، ونسبته إليه كنسبة تفسير أبي السعود إلى تفسيري الكشاف والبيضاوي، وإن اختلف عنه فيسير.
وأما تفسير فخر الدين الرازي- وهو كتاب العامة والخاصة وعمدة الناس في هذا الموضوع- فأبو حيان المفسر يقول في تفسيره: تفسير الإمام فخر الدين فيه كل شيء إلا التفسير. وما أحسن ما ترجم به أبو حيان هذا التفسير الكبير، بل البحر العميق، ولقد يفتح الإنسان جزءً من أجزاء هذا التفسير للمراجعة والكشف فيه عن تفيد آية من آي كتاب الله فلا يشعر إلا وقد توسط بحراً لجياً لا يخلص الإنسان منه إلى ساحل. ويظهر مما كتبه الإمام فخر الدين في مقدمة كتابه أنه قد أودع كتابه كثيراً مما لا تعلق له بعلم تفسير كتاب الله، ولا ارتباط له فيه بوجه من الوجوه، وإنما كان غرضه مما جمعه في تفسيره من هذه المسائل الغريبة- مع أن الكتاب في تفسير كتاب الله خاصة على ما يظهر من كلامه في أول كتابه- أن يبرهن على حقيقة ما قاله لبعض مناظريه من أن كتاب الله- جل ثناؤه وعلا سلطانه- لا يمكن استقصاء ما فيه من الأسرار، ولا الإحاطة بما فيه من المعاني والحكم، ولو كتب في ذلك مئات من المجلدات، وإن فاتحة الكتاب يمكن أن يكتب فيها مجلد ضخم في أحكامها وأسرارها ومعانيها، ولذلك وضح في تفسير الفاتحة مجلداً لرد ما أنكره المنكروه عليه، وإن كان لم يصنع شيئاً بالرد عليهم بحشو كتابه بهذه