للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تفسير "الدر المنثور" للجلال السيوطي فقد زعم أنه اختصر به -على حسب عادته- تفسير ابن جرير، الذي جمع فيه صحاح الأحاديث المتعلقة بتفسير كتاب الله تعالى، وبيان أسباب النزول، وأضاف السيوطي في مختصره أحاديث واهية الإسناد في هذا الموضوع نفسه، ومزجها بتلك الأحاديث -أحاديث الأصل- فاختلطت بها حتى لا يمكن التمييز بينها، وقلّت الثقة في الجميع.

وربما استبعد أحد أن يضع السيوطي في تفسيره "الدر المنثور" أحاديث واهية الإسناد، أو موضوعة مع ما له من المؤلفات في موضوعات الأحاديث -فنقول إن من علم طريقة السيوطي في التأليف لم يستنكر هذا الذي قلناه، وطريقته- رحمه الله على ما علمنا من استقراء كتبه- أنه كلما وقع إليه كتاب من الكتب في أي فن من الفنون واستحسنه اختصره ونسبه إلى نفسه بدون تمييز بين غث وسمين، ولا وقوف على حقائق العلوم، ولذلك تراه مضطراً في كتبه، لأنه لا يُحَكّم فِكْرَ نفسه، وإنما يُحكّم في كل كتاب فكر ملفه هو، فيضيفه إلى نفسه ببعض تصرف يحدثه في الكتاب.

وإن كنت قد قرأت في كتابه الذي سماه (الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير) ١ وكتابه الذي سماه (اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) ورأيت في (الجامع الصغير) كثيراً من الأحاديث التي نصّ في كتابه اللآلىء على أنها موضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تصح عنه بطريق من الطرق، جزمت بصحة هذا الذي قلنا، وعلمت أنه لا يؤلف، وإنما يلخص كتب الناس وينسبها لنفسه.

ثم أطال الكلام في السيوطي وابن كمال باشا، وأنهما على منهج واحد في انتحال الكتب بعد الاختصار إلى أن قال سلمه الله:


١ وقد ميّز المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- صحيح أحاديثه من ضعيفها في كتابيه العظيمين المشهورين "صحيح الجامع الصغير" و"ضعيف الجامع الصغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>