للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمتى دلت ألفاظ هذه الآيات على ما ذكروه من المعاني، وهل هو إلا تفسير بما تهوى الأنفس؟!

وحيث انجر الكلام بنا إلى هذا المقام وجب أن نذكر هنا بعض القواعد الأصولية المتعلقة بفن التفسير، ليتميز به الحق من الباطل، ويعرف الخطأ من الصواب، ومن الله نستمد الإعانة والتوفيق.

قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني- قدس الله روحه- في كتابه الذي صنفه في أصول التفسير- وهو كتاب مفصل حافل لم يؤلف مثله في هذا الفن- ما نصه: "يجب أن يُعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بيَّنَ لأصحابه معاني القرآن، كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ١ يتناول هذا وهذا. وقد قال أبو عبد الرحمن السُّلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤون القرآن؛ كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبي صلى الله عليه وسلم آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها [من العلم] ٢ والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً٣. ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة.

وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وال عمران جل في أعيننا، رواه أحمد في مسنده٤. وأقام ابن عمر على حفظ البقرة ثمان سنين، أخرجه في الموطأ٥. وذلك أن الله تعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} ٦.


١ سورة النحل: ٤٤.
٢ سقطت من الأصل.
٣ أخرجه: الطبري في "تفسيره" (١/٦٠) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٦/١١٧/ ٢٩٩٢٩) وابن سعد في "الطبقات" (٦/١٧٢) بإسناد حسن.
٤ هو في "المسند" (٣ /١٢٠- ١٢١، ٢٢٢، ٢٤٥) أو رقم (١٢٢٣٥، ١٣٣٤٨، ١٣٥٩٩) ، وأخرجه البخاري (٣٦١٧) ومسلم (٢٧٨١) وغيرهم.
(١/٢٠٥/١١) بلاغاً.
٦ سورة ص:٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>