للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تَحْوِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} ١.

قالت طائفة من السلف: كان أقوام يدعون الأنبياء كالمسيح وعزير، ويدعون الملائكة، فأخبرهم الله أن هؤلاء عبيده، يرجون رحمته ويخافون عذابه، ويتقربون إليه بالأعمال.

ونهى سبحانه أن يضرب له مثل بالمخلوق، فلا يشبه بالمخلوق الذي يحتاج إلى الأعوان والحُجّاب ونحو ذلك، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ٢. وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} ٣.

وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الشفعاء لديه، وشفاعته أعظم الشفاعات، وجاهه عند الله أعظم الجاهات، ويوم القيامة إذا طلب الخلق الشفاعة من آدم ثم من نوح ثم من إبراهيم ثم من موسى ثم من عيسى كل واحد يحيلهم على الآخر، فإذا جاؤوا إلى المسيح يقول: اذهبوا إلى محمد؛ عبدٌ غَفَرَ الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: "فأذهب فإذا رأيت ربّي خررتُ له ساجداً، وأحمدُ ربي بمحامد يفتحها عليّ لا أُحسنها الآن، فيقال: أي محمد؛ ارفع رأسك وقل يُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَه، واشفَعْ تشفّع، قال: فيُحَدُّ لي حداً فأُدْخِلُهم الجنة"٤.

فمن أنكر شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر فهو مبتدع ضال، كما ينكرها الخوارج والمعتزلة، ومن قال إن مخلوقاً يشفع عند الله بغير إذنه؛ فقد خالف


١ سورة الإسراء: ٥٦- ٥٧.
٢ سورة البقرة: ١٨٦.
٣ سورة سبأ: ٢٢- ٢٣.
٤ أخرجه البخاري (٤٤٧٦) ومسلم (١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>