للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائر الصحابة إنما يحصل للتسويغ، كأمثال ذلك فيما يفعله بعض الصحابة.

وأما القول بأن هذا الفعل مستحب، أو منهي عنه، أو مباح؛ فلا يثبت إلا بدليل شرعي. فالوجوب، والندب، والإباحة، والاستحباب، والكراهة، والتحريم؛ لا يثبت شيء منها إلا بالأدلة الشرعية، والأدلة الشرعية كلها مرجعها إليه، فالقرآن هو الذي بلغه، والسنة هي التي علمها، والإجماع بقوله عرف أنه معصوم، والقياس إنما يكون حجة إذا علمنا أن الفرع مثل الأصل، أو أن علة الأصل في الفرع. وقد علمنا أنه صلى الله عليه وسلم لا يتناقض فلا يحكم في المتماثلين بحكمين متناقضين، ولا يحكم بالحكم لعلة تارة ويمنعه أخرى مع وجود العلة، إلا لاختصاص إحدى الصورتين بما يوجب التخصيص، فشرعه هو ما شرعه، وسنته هي ما سَنَّها، لا يضاف إليه قول غيره وفعله وإن كان من أفضل الناس إذا وردت سنته، بل ولا يضاف إليه إلا بدليل يدل على الإضافة، ولهذا كان الصحابة كأبي بكر وعمر وابن مسعود يقولون باجتهادهم، ويكونون مصيبين موافقين لسنته، لكن يقول أحدهم: أقول في هذا برأي، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه. فإن كان ما خالف سنته فهو شرع منسوخ مبدل، لكن المجتهدون وإن قالوا برأيهم وأخطؤوا فلهم أجر وخطأهم مغفور لهم.

وكان الصحابة إذا أراد أحدهم أن يدعو لنفسه استقبل القبلة ودعا لنفسه كما كانوا يفعلون في حياته، لا يقصدون الدعاء عند الحجرة، ولا يدخل أحدهم إلى القبر، والسلام عليه قد شرع للمسلمين في كل صلاة، وشرع للمسلمين إذا دخل أحدهم المسجد أي مسجد كان.

فالنوع الأول: كل صلاة يقول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ثم يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا قلتم ذلك أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض"١. فقد شرع للمسلمين


١ أخرجه البخاري (٨٣١) ومسلم (٤٠٢) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>