للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} ١ وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٢ وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} ٣. وهذا الباب واسع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: "إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله"٤. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: "هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون" ٥. فهم لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم، والرقية دعاء فكيف بما هو أبلغ من ذلك.

ومعلوم أنه لو اتخذ قبره عيداً ومسجداً ووثناً صار الناس يدعونه ويتضرعون إليه، ويسألونه ويتوكّلون عليه، ويستغيثون ويستجيرون به، وربما سجدوا له وطافوا له، وصاروا يحجّون إليه، وهذه كلها من حقوق الله وحده الذي لا يشركه فيها مخلوق. وكان من حكمة الله دفنه في حجرته، ومنع الناس من مشاهدة قبره، والعكوف عليه والزيارة له ونحو ذلك لتحقيق توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له وإخلاص الدين لله.

وأما قبور أهل البقيع ونحوهم من المؤمنين، فلا يحصل ذلك عندها، وإذا قُدّر أن ذلك فعل عندها منع من يفعل ذلك وهدم ما يتخذ عليها من المساجد، وإن لم تزل الفتنة إلا بتعفية قبره وتعميته فعل ذلك كما فعله الصحابة بأمر عمر بن الخطاب في قبر دانيال. وأما كون ذلك أعظم لقدره وأعلى لدرجته فلأن المقصود


١ سورة الإسراء: ٥٦.
٢ سورة الأحقاف: ٤.
٣ سورة سبأ: ٢٢- ٢٣.
٤ أخرجه الترمذي (٢٥١٦) وصححه.
٥ أخرجه البخاري (٥٧٠٥، ٥٧٥، ٥٦٤١) ومسلم (٣٧٤) وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>