للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس الحجرة أو خلّقها بعضهم بزعفران فهذا إنما هو للحائط الذي يلي المسجد لا نفس باطن الحجرة والقبر كما يفعل بقبر غيره وإن فعل شيء في ظاهر الحجرة، فعلم أن الله سبحانه وتعالى استجاب دعاءه حيث قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد" وإن كان كثير من الناس يريدون أن يجعلوه وثناً ويعتقدون أن ذلك تعظيم له كما يريدون ذلك ويعتقدون في قبر غيره، فهم لا يتمكنون من ذلك، بل هذا القصد والاعتقاد خيال في نفوسهم لا حقيقة له في الخارج، بخلاف القبر الذي جعل وثناً. وإن كان الميت ولياً لله لا إثم عليه من فعل من أشرك به، كما لا إثم على المسيح من إثم من أشرك به، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ١ وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} ٢. وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً * فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً} ٣.

فالمعبودون من دون الله- سواء كانوا أولياء كالملائكة والأنبياء والصالحين أو كانوا أوثاناً- قد تبرّؤوا ممن عبدهم، وبينوا أنه ليس لهم أن يوالوا من عبدهم، ولا أن يواليهم من عبدهم، فالمسيح وغيره وإن كانوا برءاء من الشرك بهم لكن المقصود بيان ما فضل الله به محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته، وما أنعم به عليهم من إقامة


١ سورة المائدة: ١١٦- ١١٧.
٢ سورة الماثدة: ٧٢.
٣ سورة الفرقان: ١٧- ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>